كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)
ذلك اليوم سم ولا سحر".
__________
شرب اللبن عند العرب بمنزلة الأكل، زاد في رواية للشيخين: كل يوم "بسبع" "بجر" سبع بالموحدة، رواه أبو ذر "تمرات عجوة" "بتنوينهما مجرورين"، فالثاني عطف بيان أو صفة، ورواه الأكثر سبع بدون باء، وتمرات بالتنوين، وعجوة "بالنصب عطف بيان أو صفة"، وروى تمرات عجوة، بإضافة تمرات لتاليه من إضافة العام للخاص "من تمر العالية" أي القرى التي في الجهة العالية من المدينة، وهي جهة نجد، "لم يضره" "بضم الضاد المعجمة وشد الراء" من الضرر، وفي رواية: يضره "بكسر الضاد وسكون الراء" من ضاره يضيره ضيرًا إذا أضره، "ذلك اليوم سم" "بتثليث السين"، "ولا سحر" وفي رواية: بتقديم سحر على سم، وفي أخرى: لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل.
قال المصنف: ومفهومه أن السر الذي في أكل العجوة من دفع ضرر السم والسحر يرتفع إذا دخل الليل.
قال الحافظ: ولم أقف في شيء من الطرق على حكم من تناول ذلك أول الليل، هل يكون كمن تناوله أول النهار حتى يندفع عنه ضرر السم والسحر إلى الصباح؟، قال: والذي يظهر خصوصية ذلك بالتناول أول الليل؛ لأنه حينئذ يكون الغالب أن تناوله على الريق، فيحتمل أن يلحق به من تناوله أول الليل على الريق، كالصائم.
قال تلميذه شيخنا الحافظ السخاوي: وقع في حديث الباب من رواية فليح، عن عامر بن سعد، قال وأظنه قال: وإن أكلها حين يمي لم يضره شيء حتى يصبح، رواه أحمد في مسنده؛ بل وقع عند الطبراني في الأوسط من حديث أبي طوالة، عن أنس، عن عائشة مرفوعًا: "من أكل سبع تمرات من عجوة المدينة في يوم" الحديث، وفيه: من أكلهن ليلًا لم يضره انتهى.
ثم قوله: من تمر العالية، ثبت في بعض طرق حديث سعد، وسقط من أكثرها، وفي مسلم عن عائشة، مرفوعًا: "إن في عجوة العالية شفاء، وإنها ترياق أول البكرة"، ورواه أحمد، بلفظ: في عجوة العالية أول البكرة على ريق النفس شفاء من كل سحر أو سم.
وفي أبي داود عن جابر وأبي سعيد، والنسائي عن جابر، مرفوعًا: "العجوة من الجنة، وهي شفاء من السم"، أي: وذلك ببركة دعوته صلى الله عليه وسلم لتمر المدينة، لا لخاصية في التمر، ثم هل ذلك خاص بزمنه صلى الله عليه وسلم أو عام؟، قولان رجح بعضهم الأول، وقال الخطابي: وصف عائشة ذلك بعده صلى الله عليه وسلم يرد قول من قال: إن ذلك خاص بزمنه.
نعم، من جربه وصح معه عرف استمراره، وإلا فهو مخصوص بزمانه، وأما التخصيص بالسبع، فقال النووي: لا يعقل معناه، كأعداد الصلوات ونصب الزكاة.
وقال القرطبي: الشفاء بالعجوة من باب الخواص التي لا تدرك بقياس ظني، قال: ومن