كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

واعلم أن ذات الجنب ورم حار يعرض في الغشاء المستبطن للأعضاء، وقد يطلق على ما يعرض في نواحي الجنب من رياح غليظة تحتقن بين الصفاقات والعضل التي في الصدر والأضلاع، فتحدث وجعًا.
فالأول هو ذات الجنب الحقيقي، الذي تكلم عليه الأطباء، ويحدث بسببه خمسة أمراض، الحمى والسعال والنخس وضيق النفس والنبض المنشاري.
__________
قال المازري: القسط صنفان بحري وهندي، والبحري هو القسط الأبيض، ويؤتى به من بلاد المغرب، وهو أفضل من الهندي وأقل حرارة منه، وقيل: هما حاران يابسان في الدرجة الثالثة، والهندي أشد حرًّا، وتعقبه القرطبي بأن البحري الأبيض أحد نوعي العود الهندي، فكيف يؤتى به من بلاد المغرب، والفرض أنه هندي إلا أن يعني بالمغرب المغرب من بلاد الهند. انتهى.
وبه يعلم أنه لا تنافي بين هذا الحديث وبين قوله في الحديث السابق: يريد الكست، وهو العود الهندي، وقوله في حديث جابر المار أيضًا، فليأخذ قسطًا هنديًّا؛ لأن المراد به أحد نوعي الهندي، وهو الأبيض البحري، كما في هذا الحديث؛ لكن في شرح المصنف؛ أن البحري يجلب من اليمن، ومنه ما يجلب من المغرب، "والزيت" المسخن؛ بأن يدق ناعمًا ويخلط به، ويدلك به محله، أو يلعق؛ فإنه نافع له محلل لمادته، مقو للأعضاء الباطنة، مفتح للسدد وغير ذلك.
قال بعض العلماء: على المريض والطبيب أن يعمل على أن الله أنزل الداء والدواء، وأن المرض ليس بالتخليط وإن كان معه، وأن الشفاء ليس بالدواء، وإن كان عنده، وإنما المرض بتأديب الله والبرء برحمته، حتى لا يكون كافرًا بالله مؤمنًا بالدواء، كالمنجم إذا قال: مطرنا بنوء كذا، ومن شهد الحكمة في الأشياء ولم يشهد مجريها، صار بما علم منها أجهل من جاهلها.
"واعلم أن ذات الجنب ورم حار يعرض في الغشاء المستبطن" أي الداخل "للأعضاء" أي فيها بحيث جعل كالبطانة، والمراد: الأعضاء الرئيسة، كالقلب والكبد ونحوهم، "وقد يطلق على ما يعرض في نواحي الجنب من رياح غليظة تحتقن بين الصفاقات" بكسر الصاد وتخفيف الفاء جمع صفاق.
قال في القاموس: ككتاب الجلد الأسفل تحت الجلد الذي عليه الشعر، أو ما بين الجلد والمصران، أو جلد البطن كله، "والعضل" جمع عضلة "بفتح المهملة والمعجمة" كل عصبة معها لحم غليظ، "التي في الصدر والأضلاع، فتحدث وجعًا، فالأول" الذي هو ورم حار إلى آخره، "هو ذات الجنب الحقيقي، الذي تكلم عليه الأطباء، ويحدث بسببه خمسة أمراض:

الصفحة 502