كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

ويقال لذات الجنب أيضًا: وجع الخاصرة، وهو من الأمراض المخوفة؛ لأنها تحدث بين القلب والكبد، وهو من سيئ الأسقام. والمراد بذات الجنب هنا الثاني؛ لأن القسط وهو العود الهندي هو الذي يداوي به الريح الغليظة.
وقد حكى الإمام ابن القيم عن المسيحي أنه قال: العود حار يابس قابض، محبس للبطن، ويقوي الأعضاء الباطنة، ويطرد الريح ويفتح السدد، ويذهب فضل الرطوبة، نافع من ذات الجنب، جيد للدماغ. قال: ويجوز أن ينفع من ذات الجنب الحقيقية أيضًا إذا كان ناشئة عن مادة بلغمية، ولا سيما في وقت انحطاط العلة.
__________
الحمى والسعال والنخس وضيق النفس والنبض المنشاري" أي تحرك العروق تحركًا شديدًا لأعلى وأسفل، حركة تشبه حركة المنشار.
"ويقال لذات الجنب أيضًا وجع الخاصرة" مقتضى المقابلة أن يقول: وقد تطلق ذات الجنب على وجع الخاسرة، "وهو من الأمراض المخوفة؛ لأنها تحدث بين القلب والكبد" تعليل مبني على التفسير الأول، الذي هو المعنى الحقيقي لذات الجنب، "وهو من سيئ الأسقام" ولذا قال صلى الله عليه وسلم لما لدوه في مرضه، ظنا منهم أن به ذات الجنب: "ما كان الله ليسلطها علي"، أي ما كان الله مريدًا لأن يسلطها علي رحمة بي ورأفة علي.
"والمراد بذات الجنب هنا الثاني" المذكور بقوله: وقد يطلق على ما يعرض ... إلخ، "لأن القسط، هو العود الهندي هو الذي يداوى به الريح الغليظة".
"وقد حكى الإمام ابن القيم عن المسيحي" من فضلاء الأطباء؛ "أنه قال: العود حار، يابس، قابض، محبس" "بضم، فسكون، فكسر" أي مانع "للبطن" من الإسهال، وهو عطف بيان لقابض، "ويقوي الأعضاء الباطنة، ويطرد الريح، ويفتح السدد ويذهب فضل الرطوبة" أي زيادتها، "نافع من ذات الجنب، جيد للدماغ، قال: ويجوز أن ينفع من ذات الجنب الحقيقية أيضًا إذا كانت ناشئة عن مادة بلغمية، ولا سيما في وقت انحطاط العلة" أي نقصانها.
قال المازري: اعترض بعض الملحدة على هذا الحديث، وقال القسط: لا ينفع من ذات الجنب لشدة حرارته والتداوي به خطر، وهذا باطل؛ فقد ذكر بعض قدماء الأطباء أن ذات الجنب الحادثة من البلغم، علاجها بالقسط.
وذكر ابن سينا وغيره؛ أن شربه ينفع من وجع الصدر، وقال جالينوس: ينفع من وجع الكبد والجنبين.
وقال بعض القدماء: إنه يستعمل لإسخان عضو وجلب خلط من باطن الجسد إلى ظاهره،
وبهذه وصفه ابن سينا وهذا كله يبين كذب هؤلاء الملحدة، وقد تطابق الأطباء على أن يدر البول والطمث، وينفع من السموم، ويحرك شهوة الجماع، ويقتل الدود وحب القرع في الأمعاء إذا شرب بعسل، ويذهب الكلف إذا طلي به، وينفع من ضعف الكبد والمعدة وبردهما، ومن حمى الورد والربع، ومن النافض لطوخًا بالزيت، ومن البرد الكامن والفالج والاسترخاء، فأنت ترى هذه المنافع التي ذكرها الأطباء، فصار ممدوحًا طبًّا وشرعًا. انتهى ملخصًا وقدمته بنحوه.

الصفحة 503