كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

[ذكر طبه صلى الله عليه وسلم لداء الاستسقاء] :
عن أنس قال: قدم رهط من عرينة وعكل على النبي صلى الله عليه وسلم. فاجتووا المدينة فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم: "لو خرجتم إلى إبل الصدقة فشربتم من ألبانها وأبوالها"، فلما صحوا عمدوا إلى الرعاة فقتلوهم واستاقوا الإبل، وحاربوا الله
__________
ذكر طبه صلى الله عليه وسلم لداء الاستسقاء:
"عن أنس" بن مالك رضي الله عنه، "قال: قدم رهط من عرينة" "بضم العين وفتح الراء المهملتين" حي من قحطان، "وعكل" "بضم العين وسكون الكاف، فلام" حي من تيم الرباب، وعند أبي عوانة عن أنس: أربعة من عرينة وثلاثة من عكل، ولا يخالف رواية البخاري في الجهاد والديات عن أنس أن ناسًا من عكل ثمانية، لاحتمال أن الثامن من غير القبيلتين، وكان من أتباعهم، فلم ينسب "على النبي صلى الله عليه وسلم، فاجتووا المدينة" "بجيم وواوين" أي أصابهم الجوى، وهو داء الجوف إذا تطاول، أو كرهوا الإقامة بها لما فيها من الوباء، أو لم يوافقهم طعامها، "فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم" وفي رواية للبخاري، فقالوا: يا نبي الله إنا كنا أهل ضرع، ولم نكن أهل الريف؛ وله في أخرى؛ أن ناسا كان بهم سقم، قالوا: يا رسول الله، آونا وأطعمنا، فلما صحوا، قالوا: إن المدينة وخمة، والظاهر؛ أنهم قدموا سقامًا من الهزال الشديد والجهد من الجوع مصفرة ألوانهم، فلما صحوا من السقم أصابهم من حمى المدينة، فكرهوا الإقامة بها، ولمسلم عن أنس: وقع بالمدينة الموم "بضم الميم وسكون الواو" وهو ورم الصدر، فعظمت بطونهم، فقالوا: يا رسول الله إن المدينة وخمة، "فقال صلى الله عليه وسلم: "لو خرجتم إلى إبل الصدقة، فشربتم من ألبانها وأبوالها" لزال عنكم هذا المرض، أو لو للتمني، فلا يحتاج للجواب، وفي رواية: فاشربوا بالأمر الصريح، وأخرى: فرخص لهم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا، أي لأنهم أبناء سبيل، وفي رواية: الحقوا بإبل رسول الله، وفي أخرى: هذا نعم لنا تخرج فاخرجوا فيها، وجمع بأن إبل الصدقة كانت ترعى خارج المدينة، وصادف بعثه صلى الله عليه وسلم بلقاحه إلى المرعى، طلب هؤلاء الخروج، فأمرهم بالخروج مع راعيه، فرخص لهم في الشرب من إبل الصدقة؛ لأنهم أبناء سبيل كما علم، وأما لقاحه فبإذنه، "فلما صحوا عمدوا" "بفتح الميم" قصدوا.

الصفحة 504