كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)
زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
وعند الترمذي: أنه صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوكة.
وروى مسلم عن عمران بن حصين قال: كان يسلم علي حتى اكتويت فتركت، ثم تركت فعاد. وفي رواية: إن الذي كان انقطع عني رجع إلي، يعني تسليم الملائكة.
وروى أحمد وأبو داود والترمذي عن عمران: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكي، فاكتوينا فما أفلحنا ولا أنجحنا، الحديث.
__________
الأنصاري زوج أم أنس "في زمن النبي صلى الله عليه وسلم" لمرض اقتضى العلاج بالكي.
"وعند الترمذي؛ أنه صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة" الأنصاري، الخزرجي، قديم الإسلام، شهد العقبات الثلاثة، ومات قبل بدر باتفاق، قال الواقدي: في شوال على رأس تسعة أشهر من الهجرة، وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ودفن بالبقيع، "من الشوكة" هي حمرة تعلو الوجه، بلفظ: واحدة الشوك.
"وروى مسلم عن عمران بن حصين" بمهملتين" مصغر ابن عبيد الخزاعي أبي نجيد "بنون وجيم"، مصغر من فضلاء الصحابة وفقهائهم، وكان مجاب الدعوة، بعثه عمر إلى البصرة ليفقه أهلها، فأقام إلى أن مات بها سنة اثنتين وخمسين. وقيل: سنة ثلاث وأبوه صحابي، "قال: كان يسلم علي" "بالبناء للمفعول، أي كانت الملائكة تسلم علي "حتى اكتويت" قبل وفاته بسنتين، كما رواه الحارث بن أبي أسامة، "ثم تركت الكي، فعاد" رجع إلي تسليم الملائكة.
وعند الدارمي عن مطرف، قال عمران بن حصين: إني محدثك بحديث؛ أنه كان يسلم علي، وأن ابن زياد أمرني فاكتويت، فاحتبس عني حتى ذهب أثر الكي.
"وفي رواية" لمسلم، أيضًا عن عمران: "إن الذي كان انقطع عني" بسبب الكي "رجع إلي، يعني تسليم الملائكة" أي الحفظة، قال أبو عمر: يقول عنه أهل البصرة؛ أنه كان يرى الحفظة، وكانت تكلمه حى اكتوى، ففقده ثم عاد إليه؛ ومراد المصنف من سياق هذا معارضته للأحاديث قبله، الدالة على الجواز، ويأتي له الجمع قريبًا، وليس مراده الاستدلال به على الترجمة، وترجى أن وجه الدلالة إقراره صلى الله عليه وسلم له بعد فعله فاسد؛ لأن عمران إنما اكتوى قبل موته بسنتين، كما رواه الحارث، وذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين سنة.
"وروى أحمد وأبو داود والترمذي" بسند قوي، "عن عمران" رضي الله عنه: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكي، فاكتوينا، فما أفلحنا ولا أنجحنا" أي ما ظفرنا بمطلوبنا، وإنما اكتووا مع النهي؛ لأنهم فهموه على الكراهة، أو على خلاف الأولى، كما قاله المتن بعد أسطر. وفي