كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

ويؤدي إلى القلب كيفية ردية فيحصل القيء والغثيات والغشي والخفقان، وهو لرداءته لا يقبل من الأعضاء إلا ما كان أضعف بالطبع، وأردؤه ما يقع في الأعضاء الرئيسة، والأسود منه قل من يسلم منه، وأسلمه الأحمر ثم الأصفر، والطواعين تكثر عند الوباء في البلاد الوبئة، ومن ثم أطلق على الطاعون وباء وبالعكس، وأما الوباء: فهو فساد جواهر الهواء الذي هو مادة الروح ومدده.
والحاصل: أن حقيقته ورم ينشأ عن هيجان الدم وانصباب الدم إلى عضو فيفسده، وأن غير ذلك من الأمراض العامة الناشئة عن فساد الهواء، يسمى طاعونًا بطريق المجاز، لاشتراكهما في عموم المرض به أو كثرة الموت.
والدليل على أن الطاعون يغاير الوباء، أن الطاعون لم يدخل المدينة النبوية، وقد قالت عائشة: دخلنا المدينة وهي أوبأ أرض الله، وقال بلال: أخرجونا إلى
__________
قال الجوهري: أصل الفخذ، وأصله أربوة، فاستثقلوا التشديد على الواو، أي: فقلبوها ياء، "وسببه ورم رديء يستحيل إلى جوهر سمي يفسد العضو ويغير ما يليه" إلى سواد أو خضرة أو حمرة كدرة، "ويؤدي إلى القلب كيفية ردية فيحصل القيء والغثيات والغشي والخفقان، وهو لرداءته لا يقبل من الأعضاء إلا ما كان أضعف بالطبع، وأردؤه ما يقع في الأعضاء الرئيسة، والأسود منه قل من يسلم منه" من الموت، "وأسلمه الأحمر، ثم الأصفر، والطواعين تكثر عند الوباء في البلاد الوبئة" بالواو والهمز، وتقلب الهمزة ياء، "ومن ثم أطلق على الطاعون وباء، وبالعكس، وأما الوباء، فهو فساد جوهر الهواء الذي هو مادة الروح ومدده" أي زيادته وقوته، "والحاصل" أي حاصل المقام لا حاصل كلام ابن سينا "أن حقيقته ورم ينشأ عن هيجان ادم وانصباب الدم إلى عضو، فيفسده" ولا ينافيه أنه وخز الجن، لجواز أن ذلك يحدث عن الطعنة الباطنة، فتحدث منها المادة السمية، ويهيج الدم بسببها أو ينصب.
وقال الكلاباذي: يحتمل أن الطاعون قسمان: قسم يحصل من غلبة بعض الأخلاط من دم أو صفراء محترقة، أو غير ذلك من غير سبب يكون من الجن، وقسم يكون من وخز الجن، كما تقع الجراحات من القروح التي تخرج في البدن من غلبة بعض الأخلاط، وإن لم يكن هناك طعن، وتقع الجراحات أيضًا من طعن الإنس، "وإن غير ذلك من الأمراض العامة الناشئة عن فساد الهواء يسمى طاعونًا بطريق المجاز، لاشتراكهما في عموم المرض به، أو كثرة الموت" كما أشار إليه عياض، وإن كانا متغايرين، "والدليل على أن الطاعون يغاير الوباء أن الطاعون لم يدخل المدينة النبوية" قط.
"وقد قالت عائشة: دخلنا" وفي رواية: قدمنا "المدينة، وهي أوبأ أرض الله، وقال

الصفحة 519