كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)

أرض الوباء.
والطاعون: من طعن الجن، وإنما لم تتعرض له الأطباء لكونه من طعن الجن؛ لأنه أمر لا يدرك بالعقل، وإنما عرف من الشارح، فتكلموا في ذلك على ما اقتضته قواعدهم، ومما يؤيد أن الطاعون إنما يكون من طعن الجن وقوعه غالبًا في أعدل الفصول، وفي أصح البلاد هواء، وأطيبها ماء، ولأنه لو كان بسبب فساد الهواء لدام في الأرض لأن الهواء يفسد تارة ويصح أخرى، والطاعون يذهب أحيانًا ويجيء أحيانًا على غير قياس ولا تجربة، فربما جاء سنة على سنة، وربما أبطأ سنين، وبأنه لو كان كذلك لعم الناس والحيوان، والموجود بالمشاهدة أنه يصيب الكثير، ولا يصيب من هم بجانبهم ممن هو مثلهم في مزاجهم، ولو كان كذلك لعم جميع البدن، وهذا يختص بموضع من الجسد لا يتجاوزه، ولأن فساد الهواء يقتضي تغير الأخلاط وكثرة الأسقام، وهذا في الغالب بقتل بلا مرض، فدل على أنه طعن الجن. كما ثبت في الأحاديث الواردة في ذلك.
منها حديث أحمد والطبراني عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري عن أبيه
__________
بلال: أخرجونا" أي كفار قريش "إلى أرض الوباء" ومر الحديثان في الهجرة، "والطاعون من طعن الجن، وإنما لم تتعرض الأطباء، لكونه من طعن الجن؛ لأنه أمر لا يدرك بالعقل، وإنما عرف في الشارع، فتكلموا في ذلك على ما اقتضته قواعدهم" لكنها منقوضة، كما أشار إليه بقوله: "ومما يؤيد أن الطاعون إنما يكون من طعن الجن" وقد عبر في شرحه للبخاري بالاستدراك، فقال: لكن "وقوعه غالبًا في أعدل الفصول" من العام، وهو فصل الربيع، "وفي أصح البلاد هواء وأطيبها ماء" وذلك يبطل قول الأطباء أنه من فساد الهواء أو وباء البلاد، "و" أيضًا، "لأنه لو كان بسبب فساد الهواء لدام في الأرض؛ لأن الهواء يفسد تارة ويصح أخرى" في ساعة واحدة، "والطاعون يذهب أحيانًا ويجيء أحيانًا على غير قياس ولا تجربة، فربما جاء سنة على سنة، وربما أبطأ سنين" فبطل كونه من فساد الهواء، "بأنه لو كان كذلك لعم الناس والحيوان، والموجود بالمشهادة أنه يصيب الكثير ولا يصيب من هم بجانبهم ممن هو مثلهم في مزاجهم" وأيضًا "لو كان كذلك لعم جميع البدن، وهذا يختص بموضع من الجسد، لا يتجاوزه" إلى ما سواه، "ولأن فساد الهواء يقتضي تغير الأخلاط وكثرة الأسقام، وهذا في الغالب يقتل بلا مرض، فدل على أنه طعن الجن، كما ثبت في الأحاديث الواردة في ذلك، منها: حديث أحمد والطبراني وصححه الحاكم "عن أبي بكر" اسمه عمرو أو

الصفحة 520