كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)
وفي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الطاعون رجز أرسل على طائفة من بني إسرائيل، وعلى من كان قبلكم، فإذا
__________
غير ذلك.
"وفي الصحيحين" البخاري في ذكر بني إسرائيل، والطب، وترك الحيل، ومسلم في الطب، وكذا النسائي "من حديث أسامة بن زيد" الحب بن الحب، "قال" وقد سأله سعد بن أبي وقاص: ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون؟، فقال أسامة: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الطاعون رجز" "بالزاي" على المعروف، أي عذاب، ووقع لبعض الرواة رجس "بسين مهملة بدل الزاي".
قال الحافظ المحفوظ: "بالزاي"، والمشهور أن الذي بالسين الخبيث، أو النجس، أو القذر، ووجه عياض؛ بأن الرجس يطلق على العقوبة أيضًا.
وقد قال الفارابي والجوهري والراغب: الرجس العذاب، ومنه قوله تعالى: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [يونس: 100] ، "أرسل على طائفة من بني إسرائيل" لما كثر طغيانهم، "وعلى من كان قبلكم" كذا في نسخ المصنف: "بالواو" والذي في الصحيحين إنما هو بأو.
قال الحافظ: بالشك من الراوي، وفي رواية ابن خزيمة بالجزم، بلفظ: رجز سلط على طائفة من بني إسرائيل، والتنصيص عليهم أخص، فإن كان ذلك المراد، فكأنه أشار بذلك إلى ما جاء في قصة بلعام، فأخرج الطبري من طريق سليمان التيمي، أحد صغار التابعين، عن سيار أن رجلًا كان يقال له: بلعام، كان مجاب الدعوة، وأن موسى أقبل في بني إسرائيل يريد الأرض التي فيها بلعام، فأتاه قومه، فقالوا: ادع الله عليهم، فقال: حتى أؤامر ربي، فمنع، فأتوه بهدية، فقبلها، وسألوه ثانيًا، فقال: حتى أؤامر ربي، فلم يرجع إليه بشيء فقالوا: لو كره لنهاك، فدعا عليهم، فصار يجري على لسانه ما يدعو به على بني إسرائيل، فينقلب على قومه، فلاموه على ذلك، فقال: سأدلكم على ما فيه هلاكهم، أرسلوا النساء في عسكرهم ومروهن لا يمتنعن من أحد، فعسى أن يزنوا فيهلكوا، فكان فيمن خرج بنت الملك، فأرادها بعض الأسباط وأخبرها بمكانه، فمكنته من نفسها، فوقع في بني إسرائيل الطاعون، فمات منهم سبعون ألفًا في يوم، وجاء رجل من بني هارون ومعه الرمح، فطعنهما، وأيده الله، فانتظمهما جميعًا، وهذا مرسل جيد وسيار شامي موثق.
وذكر الطبري أيضًا هذه القصة عن محمد بن إسحاق، عن سالم أبي النضر بنحوه، وسمى المرأة كشتاء: "بفتح الكاف وسكون المعجمة وفوقية" والرجل زمري: "بكسر الزاي وسكون