كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)
البدن، بل من حيث دوام الاستنشاق، فيصل إلى القلب والرئة فيؤثر في الباطن ولا يظهر على الظاهر إلا بعد التأثير في الباطن، فالخارج من البلد الذي سيقع به لا يسلم غالبًا مما استحكم به، وينضاف إلى ذلك أنه لو رخص للأصحاء في الخروج لبقي المرض لا يجدون من يتعاهدهم فتضيع مصالحهم.
ومنها: ما ذكره بعض الأطباء: أن المكان الذي يقع به الوباء تتكيف أمزجة أهله بهواء تلك البقعة فتألفها ويصير لهم كالأهوية الصحيحة لغيرهم فلو انتقلوا إلى الأماكن الصحيحة لم توافقهم، بل ربما إذا استنشقوا هواءها استصحب معه إلى القلب من الأبخرة الردية التي حصل تكيف بدنها بها فأفسدته فمنع من الخروج
__________
فقال: "إنما نهى عن الخروج كالدخول، مع أن سببه الطبي من الهواء، وأظهر طرق التداوي الفرار من المضر وترك التوكل في نحو مباح؛ لأن "الهواء لا يضر من حيث ملاقاته ظاهر البدن، بل من حيث دوام الاستنشاق" له، فإذا كان فيه عفونة بدأ، "فيصل إلى القلب والرئة، فيؤثر في الباطن، ولا يظهر على الظاهر إلا بعد التأثير في الباطن، فالخارج من البلد الذي سيقع به لا يسلم" وفي نسخة: لا يخلص "غالبًا مما استحكم به" أي من أجل ما استحكم عنه من الداء.
قال الغزالي: لكنه توهم الخلاص، فيصير من جنس الموهومات كالطيرة، فلو تجرد هذا المعنى لم يكن منهيًّا عنه، "و" لكنه "ينضاف إلى ذلك أنه لو رخص للأصحاء في الخروج لبقي المرضى لا يجدون من يتعاهدهم، فتضيع مصالحهم" أحيانًا وأمواتًا، وعبارة الغزالي: لو رخص للأصحاء في الخروج لم يبق بالبلد إلا من طعن، فيضيع حالهم فيكون هلاكهم محققًا وخلاصهم منتظرًا، كما أن صلاح الأصحاء منظر، ولو أقاموا لم تكن الإقامة قاطعة بالموت، ولو خرجوا لو يقطع بالخلاص، والمؤمنون كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وينعكس هذا فيمن لم يدخل البلد، فإن الهواء لم يؤثر بباطنه، ولا بأهل البلد حاجة إليه، فإن لم يبق في البلد إلا مطعون وافتقروا لمتعهد، وقدم عليهم لم ينه عن الدخول، بل يندب للإعانة، ولأنه تعرض لضرر موهوم على رجاء دفع ضرر عن بقية المسلمين، كما يؤخذ من تشبيه الفرار هنا بالفرار من الزحف؛ لأن فيه كسرًا لقلوب البقية وسعيًا في إهلاكهم. انتهى.
وهو نفيس، "ومنها: ما ذكره بعض الأطباء أن المكان الذي يقع به الوباء تتكيف أمزجة أهله بهواء تلك البقعة فتألفها ويصير لهم كالأهوية الصحيحة لغيرهم، فلو انتقلوا إلى الأماكن الصحيحة لم توافقهم بل" إضراب انتقالي، "وربما إذا استنشقوا هواءها استصحب معه إلى القلب من الأبخرة الردية التي حصل تكيف بدنها بها، فأفسدته، فمنع من الخروج لهذه