كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)
لهذه النكتة.
ومنها: أن الخارج يقول: لو أقمت لأصبت، والمقيم يقول: لو خرجت لسلمت، فيقع في اللو المنهي عنه.
وقال العارف بن أبي جمرة: البلاء إنما يقصد به أهل البقعة، لا البقعة نفسها، فمن أراد الله إنزال البلاء به فهو واقع به لا محالة، فأينما توجه يدركه، فأرشدنا الشارع إلى عدم النصب.
__________
النكتة" وهي متعلقة بنفس من يريد الخروج.
"ومنها: أن الخارج يقول: لو أقمت لأصبت" بالطاعون، "والمقيم يقول: لو خرجت لسلمت، فيقع في اللو" "بالفتح وشد الواو" "المنهي عنه" بقوله صلى الله عليه وسلم: "إياك ولو فإن لو، من الشيطان".
رواه مسلم، ووقع عند بعض رواته بلفظ: اللو "بالتشديد"، قال عياض والمحفوظ خلافه. نعم روى النسائي وابن ماجه مرفوعًا: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، فإن غلبك أمر، فقل: قدر الله وما شاء فعل، وإياك واللو، فإن اللو تفتح عمل الشيطان"؛ وللطبراني مرفوعًا: "أحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا ولكن قدر الله وما شاء فعل فإن لو مفتاح الشيطان"، والجمع بين هذا وما ثبت من استعماله صلى الله عليه وسلم لو، كقوله: لو سلك الناس واديًا، لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما قاله النووي، الظاهر أن النهي عن إطلاقها فيما لا فائدة فيه، أما من قالها تأسفًا على ما فات من طاعة الله، أو ما هو متعذر عليه منها، ونحو: هذا فيجوز، وعليه أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث، وقيل غير ذلك، وقد ترجم البخاري في كتاب التمني ما يجوز من اللو إشارة إلى ذلك، "وقال العارف بن أبي جمرة" "بجيم وراء": "البلاء إنما يقصد به أهل البقعة لا البقعة نفسها، فمن أراد الله إنزال البلاء به فهو واقع به لا محالة" "بفتح الميم"، "فأينما توجه يدركه، فأرشدنا الشارع إلى عدم النصب" أي إلى ترك التعب فيما لا فائدة فيه.
قال ابن عبد البر: يقال ما فر أحد من الطاعون فسلم من الموت، ولم يبلغني عن أحد من حملة العلم أنه فر منه، إلا ذكر المدائني أن علي بن زيد جدعان هرب منه إلى السبالة، فكان يجمع كل جمعة ويرجع، فإذا رجع صاحوا به فر من الطاعون، فطعن فمات بالسبالة. انتهى.
لكن نقل عياض وغيره جواز الخروج من الأرض التي وقع بها الطاعون عن جماعة من الصحابة، منهم: علي والمغيرة بن شعبة، ومن التابعين الأسود بن هلال ومسروق، وأنهما كانا