كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 9)
وأرسله، قصدًا أو غير قصدًا، واستحالة ذلك عليه شرعًا وإجماعًا، ونظرًا وبرهانًا، وتنزيهه عنه قبل النبوة قطعًا، وتنزيهه عن الكبائر إجماعًا، وعن الصغائر تحقيقًا، وعن استدامة السهو والغفلة، واستمرار الغلط والنسيان عليه فيما شرعه للأمة، وعصمته في كل حالاته من رضا وغضب، وجد ومزح، ما يجب لك أن تتلقاه باليمين، وتشد عليه يد ضنين، فإن من يجهل ما يجب للنبي صلى الله عليه وسلم، أو يجوز أو
__________
على الله، وهو باطل عقلًا وشرعًا، "وعصمته" بالجر عطف على عصمته الأولى "عن الكذب" لمنافاة المعجزة له، "وخلف القول" لئلا يتهم في تبليغه "منذ نبأه الله وأرسله" فلم يصدر عنه شيء منه، وهو مستحيل "قصدًا" بأن يقول ما يخالفما أرسل به اختيارًا "أو غير قصدًا، فلا يقع ذلك منه سهوًا ونسيانًا، وإليه ذهب أبو إسحاق الإسفرايني، وجوزه الباقلاني لعدم منافاته للمعجزة، لأنه لا يقر عليه، "واستحالة ذلك" الكذب والخلف "عليه شرعًا وإجماعًا ونظرًا وبرهانًا".
وفي نسخة: أو قبل قولهنظرًا وهي أحسن، لأن المعنى أن استحالة ذلك شرعًا وإجماعًا مما دل عليه النظر، والدليل العقلي "وتنزيهه" أي: تبرئته "عنه قبل النبوة قطعًا" لتواتره، فكان يسمى الأمين، لأنه مأمونن قولًا وفعلًا، "وتنزيهه عن الكبائر إجماعًا" لرفعة قدره عنها، "عن الصغائر تحقيقًا" إثباتًا بالدلائل المفيدة لذلك، فالتحقيق إبات المسألة بدليلها، أو أمرًا محققًا، ولتجويز بعضهم لها لم يقل إجماعًا أو قصدًا بقرينة، قوله: "وعن اساتدامة السهو والغفلة" عطف تفسير لبعد ساحة التبليغ عنها، فإن وقع نبه عليه بسرعة، ولله در القائل:
يا سائلي عن رسول الله كيف سها ... والسهو من كل قلب غافل لاهي
قد غاب عن كل شيء سره فسها ... عما سوى الله فالتعظيم لله
"و" عن "أستمرار الغلط والنسيان عليه" حفظًا له بإيقاظ قلبه وتنبهه "فيما شرعه للأمة"، لأن استمراره منافٍ لتشريعه له، "وعصمته" بالجر، ويجوز رفعه خبره كائنة "في كل حالاته من رضا وغضب وجد" "وبكسر الجيم ضد الهزل"، "ومزح" فإن مزح لا يقول إلا حقًا "ما يجب لك" بدل من قوله ما هو الحق، ويجوز أن ما لتأكيد القلة في الحالات الأربع، ويجب مستأنف، ولفظ الشفاء: فيجب عليك "أن تتلقاه" أي: تأخذه وتعلمه "باليمين" أي: بالقبول واليمن والبركة، لأنه يؤخذ بها ما ينتفع به لسهولة العمل بها عادة، والعرب تقول لها يتمدح به أخذه باليمين، قال الشماخ:
إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين
"وتشد عليه يد لضنين" البخيل وزنًا، ومعنى من الضنة، وهي شدة البخل، أي تحرص
الصفحة 6
550