كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 9)

قمت فيما يأتي لم يتقدَّم قيامك فيما مضى» ومعلومٌ أنَّ قيامك في المستقبل لم يتقدّم قيامك هذا.
وقال الواحديُّ: إن قيل: ما معنى هذا مع استحالة التَّقديم على الأجل وقت حضوره؟ وكيف يحسن التقديم مع هذا الأجل؟
قيل: هذا على المُقاربَةِ؛ لأنَّ العرب تقول: «جاء الشِّتَاءُ» إذا قرب وقته، ومع مقاربة الأجل يتصور الاستقدام، وإن كان لا يتصور مع الانْقِضَاءِ، والمعنى: لا يستأخرونَ عن آجالهم إذا انقضت، ولا يستقدمون عليها إذا قاربت الانقضاء، وهذا بناءً منه على أنَّهُ معطوف على «لا يَسْتَأخرُون» ، وهو ظاهر أقوال المفسرين.
فصل في المراد ب «الأجل»
في المراد بهذا الأجل قولان:
قال ابنُ عبَّاسٍ والحسنُ ومقاتل: «المراد به نزول العذاب على كل أمة كذّبت رسولها» .
والثاني: أن المراد به الأجل.
لمَّا بيَّن أحوال التَّكاليف، وأنَّ لكلِّ أمَّةٍ أجلاً معيناً - بيَّن أنَّهم بعد الموت إن كانوا مطيعين فلا خَوْفٌ عليهم ولا حزن، وإن كانوا متمردين وقعوا في أشدِّ العذابِ.
قيل: أراد «بَنِي آدَمَ» مشركي العربِ، وقد تقدَّم إعراب نظيره في البقرة، وهي أن الشَّرْطِيَّة ضمت إليها مؤكدة لمعنى الشّرط، ولذلك لزمت فعلها النون الثقيلة، وجزاء هذا الشرط هو الفاء وما بعده من الشرط، والجزاء وهو قوله تعالى: {فَمَنِ اتقى وَأَصْلَحَ} .
و «مِنْكُم» صفة لطرسل «، وكذلك» يَقُصُّون «وقُدِّمَ الجار على الجملة لأنه أقرب إلى المفرد منها.
قال مُقاتِلٌ: أرَادَ بالرُّسُلِ الرَّسول - عليه الصَّلاة والسلامُ - إنما قال:» رُسُل «، وإن كان خطاباً للرَّسُولِ - عليه الصَّلاة والسَّلام -، وهو خاتم الأنبياء؛ لأنه أجرى الكلام على ما يقتضيه سنته في الأمم.
وقيل: أراد جميع الرُّسُلِ، وإنَّما قال:» منكم «؛ لأنَّ كون الرسول منهم أقطع لعذرهم، وأمعن للحجَّة عليهم من جهات:
وقيل: أراد جميع الرُسُلِ، وإنَّما قال:» منكم «؛ لأنَّ كون الرسول منهم أقطع لعذرهم، وأمعن للحجَّة عليهم من جهات:
أحدها: أنَّ معرفتهم بأحواله وبطهارته تكون متقدمة.
وثانيها: أنَّ معرفتهم بما يليق بقدرته تكون متقدّمة فلا جرم لا يقع في المعجزات

الصفحة 100