كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 9)

فصل في معنى» لا تفتح «
قال ابنُ عبَّاسِ: لا تفتح لأعمالهم لدعائهم مأخوذ من قوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب والعمل الصالح يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] .
وقال السُّدِّيُّ وغيره: لا تفتح لأرواحهم أبواب السَّمَاءِ وتفتح لأرواح المؤمنين، ويؤيد هذا ما ورد في الحديث أنَّ روح المؤمن يعرج بها إلى السَّماء فيستفتح لها فيقال: مرحباً بالنَّفْس الطيبة، التي كانت في الجسد الطيب، ويقال لها ذلك إلى أن تنتهي إلى السَّماء السابعة، ويستفتح لروح الكافر، فقال لها: ارْجِعِي ذميمةً فإنه لا تفتح لك أبوابُ السَّماء ولا يدخلون الجنة بل يهوى بها إلى سجين.
وقيل: لا ينزلُ عليهم الخير والبركة لقوله: {فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ السمآء بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ} [القمر: 11] .
قوله: {حتى يَلِجَ الجمل} .
الولوج: الدُّخُول بشدّة، ولذلك يقالك هو الدُّخول في مضيق، فهو أخصُّ من الدُّخول، والوليجة: كلُّ ما يعتمده الإنسان، والوليجة الدَّاخِلُ في قوم ليس منهم.
و» الجَمَلُ «قراءة العامة، وهو الحيوانُ المعروف، ولا يقال للبعير جملاً إلا إذا بَزَل، ولا يقال له ذلك إلا إذا بَلَغَ أربع سنين وأول ما يخرج ولد النَّاقة، ولم تعرف ذُكُوريَّتُهُ وأنوثته يقالُ لَهُ:» سَلِيلٌ «، فإن كان ذكراً فهو» سَقْبٌ «، وإن كان أنثى» حَائِلٌ «، ثم هو» حُوار «إلى الفطام، وبعده» فَصِيل «إلى سنة، وفي الثانية:» ابْن مَخَاض «و» بِنْت مَخَاض «، وفي الثالثة:» ابْن لَبون «و» بنت لبون «، وفي الرابعة:» حِقٌّ «و» حِقَّة «، وفي الخامسة: جَذَع وجَذَعة، وفي السَّادسة:» ثَنِيُّ «و» ثَنِيَّة «، وفي السَّابعة: رَباع ورَباعية مخففة، وفي الثامنة:» سِديسٌ «لهما.
وقيل: «سَديسةٌ» للأنثى، وفي التَّاسعة: «بَازِلٌ» ، و «بَازِلَةٌ» ، وفي العاشرة: «مُخْلِفٌ» و «مُخْلِفةٌ» ، وليس بعد البُزُول والإخلاف سنٌّ بل يقال: بازل عام، أو عامين، ومُخْلِف عام، أو عامين حتى يهرم، فيقال له: فَوْد. ورد التَّشبيه في الآية الكريمة في غاية الحسن، وذلك أنَّ الجمل أعظم حيوانٍ عند العربِ، وأكبره جثَّة حتى قال: [البسيط]
2463 - ... ... ... ... ... ... ... ... . ... جِسْمُ الجِمَالِ وأحْلاَمُ العَصَافِيرِ

الصفحة 112