كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 9)

وقال آخر: [الرجز]
2468 - قَدْ عَجِبَتْ مِنِّي وَمِنْ يُعَيْلِيَا ... لمَّا رَأتْنِي خَلَقاً مُقْلُوْلِيَا
وهذا الحكمُ ليس مختصاً بصيغة مفاعل، بل كلُّ غير منصرف إذا كان منقوصاً، فحكمهُ ما تقدَّم نحو: يُعيْل تصغير يَعْلَى ويَرْم اسم رجل، وعيله قوله: «وَمِنْ يَعَيْلِيَا» وبعض العرب يعرب «غواش» ونحوه بالحركاتِ على الحرف الذي قبل الياء المحذوفة، فيقول: هؤلاء جوارٍ.
وقرئ: «ومِنْ فَوْقِهِم غَوَاشٌ} برفع الشين، وهي كقراءة عبد الله: {وَلَهُ الجوار} [الرحمن: 24] برفع الراء.
فإن قيل:» غَوَاش «على وزن فواعل؛ فيكون غير منصرف فكيف دخله التنوين؟ .
فالجوابُ: على مذهب الخَلِيلِ وسيبويهِ أنَّ هذا جمع، والجمع أثقل من الواحد، وهو أيضاً الجمع الأكبر الذي تتناهى الجموع إيله، فزاده ذلك ثقلاً، ثم وقعت الياء في آخره وهي ثقيلة، فلمَّا اجتمعت فيه هذه الأشياء خفَّفوه بحذف الياء، فلَّما حذفوا الياء نقص عن مثال» فوَاعل «فصار غواش بوزن جناح، فدخلهُ التَّنوين لنقصانه عن هذا المثال.
قال المفسِّرون: معنى الآية: الإخبارُ عن إحاطة النَّار بهم من كل جانب قوله:» وكذلِكَ «تقدم مثله [الأعراف: 40] .
وقوله:» والظَّالمِيْنَ «يحتمل أن يكون من باب وقوع الظَّاهر موقع المضمر، والمراد ب» الظَّالمِينَ «المجرمون، ويحتمل أن يكونوا غيرهم، وأنَّهُم يُجزون كجزائهم.
لمَّا ذكر الوعيد أتْبَعَهُ بذكر الوعد، فقوله: «والَّذينَ آمَنُوا» مبتدأ، وفي خبره وجهان:
أحدهما: أنه الجملة من قوله: {لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً} ، وعلى هذا فلا بدّ من عائد وهو مقدَّرٌ، وتقديرُهُ، نفساً منهم.
والثاني: هو الجملة من قوله: «أولَئِكَ أصْحَابُ» ، وتكون هذه الجملة المنفيَّة

الصفحة 116