كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 9)

استغاثوا بأهل الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو ممَّا رزقكم الله.
وروى أبو داود» أن سعداً أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال: أي الصدقة أحب إليك؟ قال: المَاءُ، فَحَفَر بِئراً وقال: هذه لأمِّ سَعْدٍ «
فصل في أحقية صاحب الحوض بمائه
قال القرطبي:» وقد استدلّ بهذه الآية من قالك إنَّ صاحب الحوض والقربة أحقُ بمائه، وأن له منعه ممن أراده؛ لأن معنى قول أهل الجنَّة: {إِنَّ الله حَرَّمَهُمَا عَلَى الكافرين} لاحق لكم فيها «.
قوله «الَّذِينَ» يجوز أن تكون في محل جر، وهو الظاهر، نعتاً أو بدلاً من «الكافرين» ، ويجوز أن تكُون رفعاً أو نصباً على القَطْعِ.
قوله: {اتخذوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً} فيه وجهان:
الأول: أنَّهُم اعتَقَدُوا فيه أن يلاعبوا فيه، وما كانوا فيه مجدين.
والثاني: أنَّهُم اتخذوا اللهو واللّعب ديناً لأنفسهم، وهو ما زين لهم الشيطان من تحريم البحيرة، وأخواتها، والمكاء والتصدية حول البَيْتِ، وسائر الخصالِ الذّميمة التي كانوا يفعلونها في الجاهليّة.
قال ابن عباس: «يُريدُ المستهزئين المقتسمين» .
قوله: {وَغَرَّتْهُمُ الحياة الدنيا} عطف على الصّلة، وهو مجاز؛ لأنَّ الحياة لا تغرّ في الحقيقةِ، بل المرادُ أنَّهُ حصل الغرور عند هذه الحياة الدُّنيا؛ لأنَّ الإنسان يطمع في طول العُمْرِ، وحسن العيش، وكَثْرةِ المَالِ، وقوَّة الجاهِ، فتشتدُّ رغبته في هذه الأشياء، ويصير محجوباً عن طلب الدين غَارِقاً في طلب الدنيا.
قوله: «فالْيَوْم» منصوب بما بعده.
وقوله «كَمَا» نعت لمصدر محذوف، أي: ينساهم نسياناً كنسيانهم لقاءه أي برتكهم.

الصفحة 135