كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 9)

قوله: {فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا} لأنهم استحقوا الرحمة بسبب إيمانهم و {وَقَطَعْنَا دَابِرَ الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا} أي: استأصلناهم، وأهْلكناهُم عن آخرهم وما كانوا مؤمنين، فإن قيل: لما أخبر عنهم بأنَّهُم كانوا مكذبين لَزِمَ القطع بأنَّهم كانوا غير مؤمنين فمنا الفائدة في قوله بعد ذلك {وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ} .
فالجوابُ: أن معناه أنَّهُم مكذبون في علم الله منهم أنَّهم لو بقوا لم يؤمنوا أيضاً، فلو علم أنَّهم سيؤمنون لأبقاهم.
ثمود: اسم رجل: وهو ثَمُودُ بْنُ عاد بْن إرم بْنِ سَام بْنِ نُوحٍ، وهو أخو جديس، فثمود وجديس أخوان، ثم سُمِّيت به هذه القبيلة.
قال أبُو عَمرو بْن العلاء: سميت ثمود لقلَّة مائها، والثَّمَدُ: الماء القليلُ: [قال النابغة: [البسيط]
2502 - أحْكُمْ كَحُكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ إذْ نَظَرَتْ ... إلَى حَمَامٍ شِرَاعٍ وارِدِ الثَّمَدِ]
وكانت مساكنهم «الحجر» بين «الحِجاز» و «الشَّام» إلى «واد القرى» ، والأكثر منعه الصرف اعتباراً بما ذكرناه أوَّلاً، ومن جعله اسماً للحيّ صرفه، وهي قراءة الأعمش، ويحيى بن وثَّابٍ في جميع القرآن، وقد ورد القرآن بهم صَرِيحاً.
قال تعالى: {أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُم بُعْداً لِّثَمُودَ} [هود: 68] .
وسيأتي الخلاف من القُرَّاء السَّبْعةِ في سورة «هُودٍ» وغيرها.
وصالح: اسم عربيٌّ، وهو صالح بن آسف.
وقيل: ابْنُ عُبَيْدِ بْنِ آسف بن كَاشِح بْنِ أروم بْنِ ثَمُودَ [ابن جاثر] .
«قال: يَا قَوْم اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِن إله غيرُهُ» أمرهم بعبادة الله، ونهاهم عن عبادة غير الله، كما ذكره عمن قبله من الأنبياء.

الصفحة 191