كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 9)

ليس المعنى: رُدُّوه حال الصدقة عليه بظلف مُحرق، بل معناه: رُدُّوه مصحوباً بالصدقة ولو مصحوباً بظلفٍ محرق، وقد تقدّمت هذه المسألة، وأنه يصح أن تُسمَّى واو الحال وواو العطف [وتحرير ذلك، ولولا تكريره لما كرَّرْته] .
وقال أبو البقاء: و «لو» هنا بمعنى «إنْ» لأنها للمستقبل، ويجوز أن تكون على أصلها، ويكون المعنى: لو كنا كارهين في هذا الحال أي أن كنا كارهين لذلك فتجبروننا عليه.
وقوله: «لأنها للمستقبل» ممنوع.
قوله: «إنْ عُدْنَا» شرط جوابه محذوف عند الجمهور أي: فقد افترينا، حذف لدلالة ما تقدم عليه، وعند أب زيد والمبرد والكوفيين هو قوله: «فقد افتَرْينا» وهو مردود بأنه لو كان جواباً بنفسه لوَجَبَتْ فيه الفاء.
وقال أبو البقاء: «قد افترينا بمعنى المستقبل؛ لأنه لم يقع، وإنما سَدَّ مَسَدَّ جواب» إنْ عُدْنا «وساغ دخولُ» قد «هنا لأنهم نَزَّلوا الافتراء عند العود منزلة الواقع فقرنوه ب» قد «، وكأنَّ المعنى: قد افترَيْناه الآن إن هَمَمْنا بالعود» .
وفي هذه الجملة وجهان:
أحدهما: أنها استئناف إخبار فيه معنى التعجب، قاله الزمخشري، كأنه قيل: ما أكذبنا على الله إن عُدْنا في الكفر.
والثاني: أنها جواب قسم محذوف حذفت اللام منه، والتقدير: والله لقد افترينا، ذكره الزمخشري أيضاً، وجعله ابن عطية احتمالاً وأنشد: [الكامل]
2522 - بَقَّيْتُ مَالِي وانْحَرَفْتُ عَنِ العُلَى ... وَلَقِيتُ أضْيَافِي بِوَجْهِ عَبُوسِ
قال: «كما تقول: افتريتُ على الله إن كلَّمت فلاناً» ولم يُنْشِدْ ابن عطية البيت الذي بعد هذا، وهو محلُّ الفائدة؛ لأنه مشتمل على الشرط وهو: [الكامل]
2523 - إنْ لَمْ أشُنَّ عَلَى ابْنِ هِنْدِ غَارَةً ... لَمْ تَخْلُ يَوْماً مِنْ نهابِ نُفُوسِ
قوله: {بَعْدَ إذْ نَجَّانَا} منصوب ب «نعود» أي: ما يكون ولا يستقيم لنا عود بعد أن حصل لنا التنجيةُ منها.
فصل في معنى التنجية
وفي معنى {نَجَّانَا الله مِنْهَا} وجوه:

الصفحة 216