كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 9)

وعن ابن عباس قال: «ما كنت أدري قوله {ربنا افتح بيننا وبين قومنا} حتَّى سمعت ابنة ذي يزن تقول لزوجها: أفاتحك أي: أحاكمك» ، وقد تقدَّم أن الفتح الحُكْم بلغة حمير.
وقيل: بلغة مُرَاد وأنشد: [الوافر]
2524 - ألاَ أبْلِغْ بَنِي عُصْمٍ رَسُولاً ... بِأنِّي عَنْ فَتَاحَتِكُمْ غَنِيُّ
قال الزجاج: وجائز أن يكون قوله: {افتح بيننا وبين قومنا بالحق} أي أظهر أمرنا حتى ينفتح بيننا وبني قومنا وينكشف والمراد منه أن ينزل عليهم عذاباً يدلُّ على كونهم مبطلين، وعلى كون شعيب وقومه محقين، وعلى هذا المراد بالفتح الكشف والتبيين، وكرر {بيننا وبين قومنا} بخلاف قوله: {حتى يَحْكُمَ الله بَيْنَنَا} [الأعراف: 87] زيادة في تأكيد تمييزه، ومَنْ تبعه من قومه ثم قال: {وَأَنتَ خَيْرُ الفاتحين} [أي: خير الحاكمين أو خير المظهرين، وذا معنى قول من على المعنيين] ، والمراد به الثناء على الله تعالى.
لمّا بيَّن عظيم ضلالهم بتكذيب شعيب بيَّن أنهم لم يقتصروا على التكذيب حتى أضلّوا غيرهم ولاموهم على متابعة شعيب بقولهم: {لَئِنِ اتبعتم شُعَيْباً [إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ} .
قوله: {إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُون} «إذن» حرفُ جواب وجزاء، وقد تقدّم الكلام عليها

الصفحة 226