كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 9)

والأوْجهُ الأربعةُ التي للزمخشريِّ ولكن هذه وجوهٌ متعسِّفةٌ، وليس المعنى إلاَّ على ما ذكرته أوَّلاً، يعني وجه ابن مقسم، وهذا فيه الإشكال الذي ذكره الشيخ يعني أبا حيَّان يعني من إعمال اسم الفاعل أو الجاري مجراه وهو موصوفٌ «.
وأمَّا قراءة نافع فواضحةٌ وفيها ثلاثةُ أوجُهٍ:
أحدها: أن يكون الكلامُ قد تم عند قوله:» حقيق «، و» عليَّ «خبر مقدَّمٌ،» ألاَّ أقُولَ «مبتدأ مؤخر، كأنَّهُ قيل: عليَّ عدم قول غير الحقِّ أي: فلا أقُولُ إلا الحقَّ.
الثاني: أن يكون» حَقِيقٌ «خبراً مقدماً، و» ألاَّ أقولَ «مبتدأ على ما تقدَّم بيانه.
الثالث:» أن لا أقول «فاعلٌ ب» حقيقٌ «كأنَّهُ قيل: يحقُّ ويجبُ أن لا أقول، وهذا أغربُ الوُجُوهِ لوضُوحِهِ لفظاً ومعنى، وعلى الوجهين الأخيرين تتعلَّق» عليَّ «ب» حقيقٌ «لأنَّك تقول:» حقَّ عليهِ كذا «قال تعالى: {أولئك الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول} [الأحقاف: 18] . وعلى الوجْهِ الأوَّلِ يتعلَّق بمحذوف على ما تقرر.
وأمّا رفع «حقيقٌ» فقد تقدَّم أنَّهُ يجوز أن يكون خَبَراً مقدَّماً، ويجوز أن يكون صفةً ل «رَسُول» ، وعلى هذا فيضعف أن يكون «مِنْ رب» صفةً لئلا يلزم تقديم الصفة غير الصّريحَة [على الصَّريحة] ، فينبغي أن يكون متعلّقاً بنفس «رَسُول» ، وتكون «مِنْ» لابتداء الغاية مجازاً.
ويجوز أن يكون خبراً ثانياً. ويجوز أن يكون مبتدأ وما بعده الخبر على قراءة من شددَّ الياء، وسوَّغَ الابتداء بالنكِرَةِ حينئذٍ تعلُّق الجارِّ بها.
فقد تحصَّل في رفعه أربعة أوجُهٍ، وهل هو بمعنى فاعل، أو بمعنى مفعول؟ الظَّاهِرُ أنَّهُ يحتمل الأمرين مُطْلَقاً، أعني على قراءة نَافِعٍ وقراءة غيره.
وقال الوَاحِدِيُّ نَاقِلاً عن غيره: «إنَّهُ مع قراءةِ نافع محتمل للأمرين، ومع قراءة العامَّةِ بمعنى مفعول فإنَّهُ قال:» وحقيقق على هذا القراءةِ - يعني قراءة نَافِعٍ - يجوز أن يكون بمعنى فاعل «.
قال شمرٌ:» تقولُ العربُ: حقَّ عليَّ أن أفعل كذا «.
وقال الليثُ:» حقَّ الشَّيء معناه وجب، ويحقُّ عليك أن تفعله، وحقيق عليَّ أنْ أفعله، فهذا بمعنى فاعلٍ «ثم قال: وقال اللَّيْثُ: وحقيقٌ بمعنى مفعول، وعلى هذا تَقُولُ: فلان محقوقٌ عليه أن يفعل.
قال العشى: [الطويل]
2537 - لَمَحْقُوقَةٌ أنْ تَسْتَجِيبِي لِصَوْتِهِ ... وَأنْ تَعْلَمِي أنَّ المُعَانَ مُوَفَّقْ

الصفحة 248