كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 9)

وقال جريرٌ: [البسيط]
2538 - ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... قَصَّرْ فَإنَّكَ بالتَّقْصيرِ مَحْقُوقُ
ثم قال:» وحقيقٌ على هذه القراءة - يعني قراءة العامَّة - بمعنى محقوق «انتهى.
[وقرأ أبَيٌّ» بأن لا أقُولَ «وهذه تقوي أنَّ» على «بمعنى الباء] .
وقرأ عبدُ الله والأعمشُ» لاّ أقُولَ «دون حرف جرّ، فاحتمل أن يكون ذلك الجارّ» على «كما هو قراءة العامَّةِ، وأن يكون الجارُّ الباء كقراءة أبيّ المتقدمة.
والحقُّ هو الثابت الدَّائِمُ، والحقيق مبالغة فيه.
قوله:» إلاَّ الحَقَّ «هذا استثناء مفرَّغٌ، و» الحقُّ «يجوزُ أن يكون مفعولاً به، لأنَّهُ يتضمن معنى جملة، وأن يكون منصوباً على المصدر أي: القول الحق.
قوله: {قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} يعني العَصَا واليد {فَأَرْسِلْ مَعِيَ بني إِسْرَائِيلَ} أي أطلق عنهم وخلِّهم يرجعون إلى الأرْضِ المقدَّسةِ، وكان فرعونُ قد استخدمهم في الأعمال الشَّاقَّة، فقال فرعونُ مجيباً له: {قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} والمعنى: إنْ كنت جئت من عند من أرْسَلَكَ بآيةٍ؛ فأحضرها عندي لتصحَّ دعواك.
فإن قيل قوله: {قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} جزاء واقع بين شرطين فكيف حمله؟
والجوابُ: أنَّ هذا نظير قولك: إنْ دخلت الدَّارَ فأنت طالق إن كلمت زيداً، وهاهنا المؤخر في اللَّفظ يكون مقدماً في المعنى؛ كما سبق تقريره.
لما طلب فرعون من موسى إقَامَةِ البَيِّنَةِ على صحَّةِ دعواه، بين الله تعالى أنَّ معجزته كانت قلب العصا ثعباناً، وأظهار اليد البيضاء.

الصفحة 249