كتاب تفسير القاسمي = محاسن التأويل (اسم الجزء: 9)

الصحيحين عن عائشة «1» وعن ابن مسعود «2» . وكذلك هو في صحيح مسلم «3» عن أبي هريرة، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة في تفسير هذه بهذا. انتهى.
وقال شمس الدين بن القيم في (زاد المعاد) : اختلف الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأى ربه تلك الليلة أم لا؟ فصح عن ابن عباس أنه رأى ربه، وصح عنه أنه قال: رآه بفؤاده، وصحّ عن عائشة وابن مسعود إنكار ذلك، وقال: إن قوله تعالى:
وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى إنما هو جبريل.
وصحّ عن أبي ذرّ أنه سأله: هل رأيت ربك؟ قال: نور أنّى أراه.
أي حال بيني وبين رؤيته النور، كما في لفظ آخر: رأيت نورا.
وقد حكى عثمان بن سعيد الدارميّ اتفاق الصحابة على أنه لم يره.
قال الإمام ابن تيمية: وليس قول ابن عباس أنه رآه مناقضا لهذا، ولا قوله رآه بفؤاده. وقد صح عنه أنه قال: رأيت ربي تبارك وتعالى، لكن لم يكن هذا في الإسراء، ولكن كان في المدينة لما احتبس عنهم في صلاة الصبح، ثم أخبرهم عن رؤية ربه تبارك وتعالى تلك الليلة في منامه. وعلى هذا بنى الإمام أحمد وقال: نعم رآه حقّا، فإن رؤيا الأنبياء حق ولا بد. وأما قول ابن عباس: رآه بفؤاده مرتين. فإن كان استناده إلى قوله تعالى: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ثم قال: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى والظاهر أنه مستنده، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أن هذا المرئيّ جبريل، رآه مرتين في صورته التي خلق عليها. انتهى.
وقال ابن كثير: أما الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن ابن عباس قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت ربي عز وجل»
، فإنه حديث إسناده على شرط الصحيح، لكنه مختصر من حديث المنام، كما
رواه الإمام أحمد «4» أيضا عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتاني ربي الليلة في أحسن صورة (أحسبه، يعني في النوم) فقال: يا محمد! أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال قلت: لا. فوضع يده بين كتفي حتى
__________
(1) أخرجه البخاري في: التفسير، سورة النجم، 1- حدثنا يحيى حدثنا وكيع، حديث رقم 1528 وأخرجه مسلم في: الإيمان، حديث 287.
(2) أخرجه البخاري في: التفسير، سورة النجم، 1- حدثنا يحيى حدثنا وكيع، حديث رقم 1526.
وأخرجه مسلم في: الإيمان، حديث 280.
(3) أخرجه مسلم في: الإيمان، حديث رقم 283.
(4) أخرجه في المسند 1/ 368. حديث رقم 3484.

الصفحة 68