@ 105 @
فلما سمع جاولي بقربه رحل من الموصل إلى سنجار وأودع رحله بها واتصل به الأمير أيلغازي بن أرتق وجماعة من عسكر جكرمش فصار معه أربعة آلاف فارس فأتاه كتاب الملك رضوان يستدعيه إلى الشام ويقول له إن الفرنج قد عجز من بالشام عن منعهم فسار إلى الرحبة وأرسل أهل الموصل وعسكر جكرمش إلى قلج أرسلان وهو بنصبيبن استحلفوه لهم فحلف واستحلفهم على الطاعة له والمناصحة وسار معهم إلى الموصل فملكها في الخامس والعشرين من رجب ونزل بالمعرفة وخرج إليه ولد جكرمش وأصحابه فخلع عليهم وجلس على التخت وأسقط السلطان محمدا وخطب لنفسه بعد الخليفة وأحسن إلى العسكر وأخذ القلعة من غرغلي مملوك جكرمش وجعل له فيها دزدارا ورفع الرسوم المحدثة يف الظلم وعدل في الناس وتألفهم وقال من سعى إلي بأحد قتلته فلم يسع أحد بأحد وأقر القاضي أبا محمد عبد اله بن القاسم بن الشهروزري على القضاء بالموصل وجعل الرياسة لأبي البركات محمد بن خميس وهو ولد شيخنا أبي الربيع سليمان
وكان في جملة قلج أرسلان الأمير إبراهيم بن ينال التركماني صاحب آمد ومحمد بن جبق التركماني صاحب حصن زياد وهو خرتبرت
فأما إبراهيم بن ينال فكان سبب ملكه لمدينة آمد أن تاج الدولة تتش حين ملك دياتر بكر سلمها إليه فبقيت بيده
وأما محمد بن جبق فكان سبب ملكه لحصن زياد أن هذا الحصن كان بيد الفلادروس الرومي ترجمان ملك الروم وكانت الرها وأنطاكية من أعماله فلما ملك سليمان بن قتلمش والد هذا قلج أرسلان أنطاكية وملك فخر الدولة بن جهير ديار بكر ضعف الفلادروس عن إقامة ما يحتاج إليه حصن زياد من الميرة والإقامة فأخذه جبق وأسلم الفلادروس على يد السلطان ملكشاه وأمره على الرها فلم يزل عليها حتى مات وأخذها الأمير بزان بعده
وكان بالقرب من حصن زياد حصن آخر بيد إنسان من الروم اسمه إفرنجي وكان يقطع الطريق ويكثر قتل المسلمين فأرسل إليه جلق هدية وخطب إليه مودته وأن يعين كل واحد منهما صاحبه فأجابه إلى ذلك فكان جبق يعين إفرنجي على قطع الطريق وغيره وكذلك إفرنجي يعين جبق فلما وثق كل واحد بصاحبه أرسل إليه بجبق إني أريد قصد بعض الأماكن وطلب أن يرسل إليه بصاحبه فأرسلهم إيه فلما ساروا معه في الطريق تقدم يكتفهم وحملهم إلى قلعة إفرنجي وقال لأهليهم والله لئن لم تسلموا غلي إفرنجي لأضربن أعناقهم ولآخذن الحصن عنوة ولأقتلنكم على دم واحد ففتحوا له الحصن وسلموا إليه إفرنجي فسلخه وأخذ أمواله وسلاحه وكان عظيما ومات جبق فولي بعده ابنه محمد