@ 116 @
فأرسل إليه الخليفة وزيره مجد الدولة بن المطلب يأمره بالتوقف وترك العجلة خوفا على الرعية من القتل والنهب وأشار قاضي أصبهان بذلك واتباع أمر الخليفة فأجاب السلطان إلى ذلك فأرسل الخليفة إلى صدقة نقيب النقباء علي بن طراد وجمال الدولة مختصا الخادم فسار إلى صدقة فأبلغاه رسالة الخليفة يأمره بطاعة السلطان وينهاه عن المخالفة فاعتذر صدقة وقال ما خالفت الطاعة ولا قطعت الخطبة في بلدي وجهز ابنه دبيسا ليسير معهما إلى السلطان فبينما الرسل وصدقة في هذا الحديث إذ ورد الخبر أن طائفة من عسكر السلطان قد عبروا من مطير أباذ وأن الحرب بينهم وبين أصحاب صدقة قائمة على ساق فتجلد صدقة لأجل الرسل وهو يشتهي الركوب إلى أصحابه خوفا عليهم وكان الرسل إذا سمعوا ذلك ينكرونه لأنهم قد تقدموا إلى العسكر عند عبورهم عليهم أنه لا يتعرض أحد منهم إلى حرب حتى نعود فإن الصلح قد قارب فقال صدقة للرسول كيف أثق أرسل ولدي الآن وكيف آمن عليه وقد جرى ما ترون فإن تكفلتم برده إلي أنفذته فلم يتجاسروا على كفالته
فكتب إلى الخليفة يعتذر عن إنفاذ ولده بما جرى
وكان سبب هذه الوقعة أن عسكر السلطان لما رأوا الرسل اعتقدوا وقوع الصلح فقال بعضهم الرأي أننا ننهب شيئا قبل الصلح فأجاب البعض وامتنع البعض فعبر من أجاب النهر ولم يتأخر من لم يجب لئلا ينسب إلى خور وجبن ولئلا يتم على من عبروهن فيكون عاره وأذاه عليهم فعبروا بعدهم أيضا فأتاهم أصحاب صدقة وقاتلوهم فكانت الهزيمة على الأتراك وقتل منهم جماعة كثيرة وأسر جماعة من أعيانهم وكثير من غيرهم وغرق منهم الأمير محمد بن باغيسيان الذي كان أبوه صاحب أنطاكية وكان عمره نيفا وعشرين سنة وكان محبا للعلماء وأهل الدين وبنى بإقطاعه من أذربيجان عدة مدارس ولم يجسر الأتراك يعرفون السلطان بما أخذ منهم من الأموال والدواب خوفا منه حيث فعلوا ذلك بغير أمره وطمع العرب بهذه الهزيمة وظهر منهم الفخر والتيه والطمع وأظهروا أنهم باعوا كل أسير بدينار وأن ثلاثة باعوا أسيرا بخمسة قراريط وأكلوا بها خبزا وجعلوا ينادون من يتغذى بأسير ويتعشى بآخر وظهر من الأتراك اضطراب عظيم
وأعاد الخليفة مكاتبة صدقة بتحرير أمر الصلح فأجاب أنه لا يخالف ما يؤمر به وكتب صدقة أيضا إلى السلطان يعتذر مما نقل عنه ومن الحرب التي كانت بين أصحابه وبين الأتراك وأن جند السلطان عبرت إلى أصحابه فمنعوا عن أنفسهم بغير علمه وأنه لم يحضر الحرب ولم ينزع يدا من طاعة ولا قطع خطبته من بلده ولم يكن