كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 118 @
آل ناشرة يا آل عوف
ووعد الأكراد بكل جميل لما ظهر من شجاعتهم وكان راكبا على فرسه المهلوب ولم يكن لأحد مثله فجرح الفرس ثلاث جراحات وأخذه الأمير أحمديل بعد قتل صدقة فسيره إلى بغداد في سفينة فمات في الطريق وكان لصدقة فرس آخر قد ركبه حاجبه أبو نصر بن تفاحة فلما رأى الناس وقد غشوا صدقة هرب عليه فناداه صدقة فلم يجبه وحمل صدقة على الأراك فضربه غلام منهم على وجهه فشوهه وجعل يقول أنا ملك العرب أنا صدقة فأصابه سهم في ظهره وأدركه غلام اسمه بزغش كان أشل فتعلق به وهو لا يعرفه وجذبه عن فرسه فسقط إلى الأرض هو والغلام فعرفه صدقة فقال يا بزغش ارفق فضربه بالسيف فقتله وأخذ رأسه وحمله إلى البرسقي فحمله إلى السلطان فلما رآه عانقه وأمر البزغش بصلة وبقي صدقة طريحا إلى أن سار السلطان فدفنه إنسان من المدائن وكان عمره تسعا وخمسين سنة وكانت إمارته إحدى وعشرين سنة وحمل رأسه إلى بغداد وقتل من أصحابه ما يزيد على ثلاثة آلاف فارس فيهم جماعة من أهل بيته وقتل من بني شيبان خمس وتسعون رجلا وأسر ابنه دبيس بن صدقة وسرخاب بن كيخسرو الديلمي الذي كانت هذه الحرب بسببه فأحضر بين يدي السلطان فطلب الأمان فقال قد عاهدت الله أنني لا أقتل أسيرا فإن ثبت عليك أنك باطني قتلتك وأسر سعيد بن حميد العمري صاحب جيش صدقة وهرب بدران بن صدقة إلى الحلة فأخذ من المال وغيره ما أمكنه وسير أمه ونساءه إلى البطيخة إلى مهذب الدولة أبي العباس أحمد بن أبي الجبر
وكان بدران صهر مهذب الدولة على ابنته ونهب من الأموال ما لا حد له وكان له من الكتب المنسوبة الخط شيء كثير ألوف مجلدات وكان يحسن يقرأ ولا يكتب وكان جوادا حليما صدوقا كثير البر والإحسان ما برح ملجأ لكل ملهوف يلقى من يقصده بالبر والتفضيل ويبسط قاصديه ويزورهم وكان عادلا والرعايا معه في أمن ودعة وكان عفيفا لم يتزوج على امرأته ولا تسرى عليها فما ظنك بغير هذا
ولم يصادر أحدا من نوابه ولا أخذهم بإساءة قديمة وكان أصحابه يودعون أمواله في خزانته ويدلون عليه إدلال الولد على الوالد ولم يسمع برعية أحبت أميرها كحب رعيته له
وكان متواضعا محتملا يحفظ الأشعار ويبادر إلى النادرة رحمه اله لقد كان من محاسن الدنيا
وعاد السلطان إلى بغداد ولم يصل إلى الحلة وأرسل إلى البطيحة أمانا لزوجة صدقة وأمرها بالظهور فأصعدت إلى بغداد فأطلق السلطان ابنها دبيسا وأنفذ معه جماعة من الأمراء

الصفحة 118