@ 125 @
الخارجين عنه وبالغت في الاحتراز عليهم فأوحشهم ذلك ودعاهم إلى الانحراف عنها
وقوتل أهل البلد قتالا متتابعا فتمادى الحصار بأهلها من خارج والظلم من داخل إلى آخر المحرم والجند بها يمنعون عاميا من القرب من السور فلما طال الأمر على الناس اتفق نفر من الجصاصين ومقدمهم جصاص يعرف بسعدي على تسليم البلد وتحالفوا على التساعد وأتوا وقت صلاة الجمعة والناس بالجامع وصعدوا برجا وأغلقوا أبوابه وقتلوا من به من الجند وكانوا نياما فلم يشعروا بشيء حتى قتلوا وأخذوا سلاحهم وألقوهم إلى الأرض وملكوا برجا آخر ووقعت الصيحة وقصدهم مائتا فارس من العسكر ورموهم بالنشاب وهم يقاتلون وينادون بشعار السلطان فزحف عسكر السلطان إليهم ودخلوا البلد من ناحيتهم وملكوه ودخله الأمير مودود ونودي بالسكون والأمن وأن يعود الناس إلى دورهم وأملاكهم وأقامت زوجة جاولي بالقلعة ثمانية أيام ورسالت الأمير مودود أن يفرج لها عن طريقها وأن يحلف لها عن الصيانة والحراسة فحلف وخرجت إلى أخيها برسق بن برسق ومعها أوالها وما استولت عليه وولي مودود الموصل وما ينضاف إليها
$ ذكر حال جاولي مدة الحصار $
وأما وجاولي فإنه لما وصل عسكر السلطان إلى الموصل وحصرها وسار عنها وأخذ معه القميص صاحب الرها الذي كان قد أسره سقمان وأخذه منه جكرمش وقد ذكرنا ذلك وسار إلى نصيبين وهي حينئذ للأمير أيلغازي بن أرتق وراسله وسأله الاجتماع به واستدعاه إلى معاضدته وأن يكون يدا واحدة وأعلمه أن خوفهما من السلطان ينبغي أن يجعلهما على الاحتماء منه فلم يجبه أيلغازي إلى ذلك ورحل عن نصيبين ورتب بها ولده وأمره بحفظها من جاولي وأن يقاتله إن قصده
وسار إلى ماردين فلما سمع جاولي ذلك عدل عن نصيبين وقصد دارا وأرسل إلى أيلغازي ثانيا في المعاني وسار بعد رسول الله فبينما رسوله عند أيلغازي بماردين لم يشعر إلا وجاولي معه في القلعة وحده وقصد أن يتألفه ويستمليه فما رآه أيلغازي قام إليه وخدمه ولما رأى جاولي محسنا للظن فيه غير مستشعر منه لم يجد إلى دفعه سبيلا فنزل معه وعسكرا بظاهر نصيبين وسارا منها إلى سنجار وحاصراها مدة فلم يجبهما صاحبه إلى صلح فتركاه وسارا نحو الرحبة وأيلغازي يظهر لجاولي المساعدة ويبطن الخلاف وينتظر فرصة