@ 127 @
فكانوا يقتتلون فإذا فرغوا من القتال اجتمعوا وأكل بعضهم مع بعض وتحادثوا وأطلق القمص من الأسرى المسلمين مائة وستين أسيرا كلهم من سواد حلب وكساهم وسيرهم وعاد طنكري إلى أنطاكية من غير فصل حال في مغني الرها فسار القمص وجوسلين وأغارا على حصون طنكري صاحب أنطاكية والتجأ إلى ولاية كواسيل وهو رجل أرمني ومعه خلق كثير من المرتدين وغيرهم وهو صاحب رعبان وكيسوم وغيرهما من القلاع شمالي حلب فأنجد القمص بألف فارس من المرتدين وألفي راجل فقصدهم طنكري فتنازعوا في أمر الرها فتوسط بينهم البطرك الذي لهم وهو عندهم كالإمام الذي للمسلمين لا يخالف أمره وشهد جماعة من المطارنة والقسيسن أن بيمند خال طنكري قال له لما أراد ركوب البحر والعود إلى بلاده أن يعيد الرها إلى القمص إذا خلص من الأسر فأعادها عليه طنكري تاسع صفر وعبر القمص الفرات ليسلم إلى أصحاب جاولي المال والأسرى فأطلق في طريقه خلقا كثيرا من الأسرى من حران وغيرهما وكان بسروج ثلاثمائة مسلم ضعفى فعمر أصحاب جاولي مساجدهم وكان رئيس سروج مسلما قد ارتد فسمعه أصحاب جاولي يقول في الإسلام قولا شنيعا فضربوه وجرى بينهم وبين الفرنج بسببه نزاع فذكر ذلك للقمص فقال هذا لا يصلح لنا ولا للمسلمين فقتله
$ ذكر حال جاولي بعد إطلاق القمص $
لما أطلق جاولي بماكسين سار إلى الرحبة فأتاه أبو النجم بدران وأبو كامل منصور ابنا سيف الدولة صدقة وكانا بعد قتل أبيهما بقلعة جعبر عند سالم بن مالك فتعاهدوا على المساعدة والمعاضدة ووعدهما أنه يسير معهما إلى الحلة وعزموا أن يقدموا عليهم بكتاش بن بكتش بن ألب أرسلان فوصل إليهم وهم على هذا العزم الأصبهبذ صباوو وكان قصد السلطان فأقطعه الرحبة وقد ذكرناه فاجتمع بجاولي وأشار عليه أن يقصد الشام فإن بلاده خالية من الأجناد والفرنج قد استولوا على كثير منها وعرفه أنه متى قصد العراق والسلطان بها أو قريبا منها لم يأمن شرا يصل إليه فقبل قوله وأصعد عن الرحبة فوصل إليه رسل سالم بن مالك صاحب قلعة جعبر يستغيث به من بني نمير وكانت الرقة بيد ولده علي بن سالم فوثب جوشن النميري ومعه جماعة من بني نمير فقتل عليا وملك الرقة فبلغ ذلك الملك رضوان فسار من حلب إلى صفين