كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 129 @
يعرفه ما عليه جاولي من الغدر والمكر والخداع ويحذره منه ويعلمه أنه على قصد حلب وأنه إن ملكها لا يبقى للفرنج معه بالشام مقام وطلب منه النصرة والاتفاق على منعه فأجابه طنكري إلى منعه وبرز من أنطاكية فأرسل إليه رضوان ستمائة فارس فلما سمع جاولي الخبر أرسل إلى القمص صاحب الرها يستدعيه إلى مساعدته وأطلق له ما بقي عليه من مال المفاداة فسار إلى جاولي فلحق به وهو على منبج فوصل الخبر إليه وهو على هذه الحال بأن الموصل قد استولى عليها عسكر السلطان وملكوا خزائنه وأمواله فاشتد ذلك عليه وفارقه كثير من أصحابه منهم أتابك زنكي بن آقسنقر وبكتاش النهاوندي وبقي جاولي في ألف فارس وانضم إليه خلق من المطوعة فنزل بتل باشر وقاربهم طنكري وهو في ألف وخمسمائة فارس من الفرنج وستمائة من أصحاب ملك رضوان سوى الرجالة فجعل جاولي في ميمنته الأمير اقيسان والأمير التونتاش الأبري وغيرهما وفي المسيرة الأمير بدران بن صدقة والأصبهبذ صباوو وسنقر داراز وفي القلب القمص بغدوين وجوسلين الفرنجيين وقعت الحرب فحمل أصحاب أنطاكية على القمص صاحب الرها
واشتد القتال فأزاح طنكري عن موضعه وحملت ميسرة جاولي على رجالة أنطاكية فقتلت منهم خلقا كثيرا ولم يبق غير هزيمة صاحب أنطاكية فحينئذ عمد أصحاب جاولي إلى جنائب القمص وجوسلين وغيرهما من الفرنج فركبوها وانهزموا فمضى جاولي ورآهم فلم يرجعوا وكانت طاعته قد زالت عنهم حين أخذت الموصل منه فلما رأى أنهم لا يعودون معه أهمه نفسه وخاف من المقام فانهزم وانهزم باقي عسكره فأما الأصبهبذ صباوو فسار نحو الشام وأما بدران بن صدقة فسار إلى قلعة جعبر
وأما ابن جكرمش فقصد جزيرة ابن عمر
وأما جاولي فقصد الرحبة وقتل من المسلمين خلق كثير ونهب صاحب أنطاكية أموالهم وأثقالهم وعظم البلاء عليهم من الفرنج وهرب القمص وجوسلين إلى تل باشر والتجأ خلق كثير من المسلمين ففعلا معهم الجميل وداويا الجرحى وكسوا العراة وسيراهم إلى بلادهم
$ ذكر عود جاولي إلى السلطان $
لما انهزم جاولي سقاوو قصد الرحبة فلما قاربها بات دونها في عدة فوارس فاتفق أن طائفة من عسكر الأمير مودود الذين أخذوا الموصل منه أغاروا على قوم من العرب يجاورون الرحبة فقاربوا جاولي وهم لا يشعرون به ولو علموا لأخذوه فلما رأى الحال

الصفحة 129