@ 130 @
كذلك علم أنه لا يقدر أن يقيم في الجزيرة ولا بالشام ولا يقدر على شيء يحفظ به نفسه ويرجع إليه ويداوي به مرضه غير قصد باب السلطان محمد عن رغبة واختيار وكان واثقا بالأمير حسين بن قتلغتكين فرحل من مكانه وهو خائف حذر قد أخفى شخصه وكتم أمره وسار إلى عسكر السلطان وكان بالقرب من أصبهان فوصل إليه في سبعة عشر يوما من مكانه لجده في السير فلما وصل المعسكر قصد الأمير حسين فحمله إلى السلطان فدخل إليه وكفنه تحت يده فأمنه وأتاه الأمراء يهنونه بذلك وطلب منه السلطان الملك بكتاش بن تكش فسلمه إليه فاعتقله بأصبهان
$ ذكر الحرب بين طغتكين والفرنج والهدنة بغيرها $
في هذه السنة كانت حرب شديدة بين طغتكين أتابك والفرنج وسببها أن طغتكين سار إلى طبرية وقد وصل إليها ابن أخت بغدوين الفرنجي ملك القدس فتحاربا واقتتلا وكان طغتكين في ألفي فارس وكثير من الرجالة
وكان ابن أخت ملك الفرنج في أربعمائة فارس وألفي راجل فلما اشتد القتال انهزم المسلمون فترجل طغتكين ونادى بالمسلمين وشجعهم فعادوا الحرب كسروا الفرنج وأسروا ابن أخت الملك وحمل إلى طغتكين فعرض عليه الإسلام فامتنع منه وبذل في فداء نفسه ثلاثين ألف دينار وإطلاق خمسمائة أسير فلم يقنع طغتكين منه بغر الإسلام فلما فلم يجب قتله بيده وأرسل إلى الخليفة والسلطان الأسرى ثم اصطلح طغتكين وبغدوين ملك الفرنج على وضع الحرب أربع سنين
وكان ذلك من لطف الله تعالى بالمسلمين ولولا هذه الهدنة لكان الفرنج بلغوا من المسلمين بعد الهزيمة الآتي ذكرها أمرا عظيما
$ ذكر انهزام طغتكين من الفرنج $
في هذه السنة انهزم أتابك طغتكين من الفرنج
وسبب ذلك أن حصن عرقة وهو من أعمال طرابلس كان بيد غلام للقاضي فخر الملك أبي علي بن عمار صاحب طرابلس وهو من الحصون المنيعة فعصى على مولاه فضاق به القوت وانقطعت عنه