كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 136 @

$ ثم دخلت سنة ثلاث وخمسمائة $
$ ذكر ملك الفرنج طرابلس وبيروت من الشام $
في هذه السنة حادي عشر ذي الحجة ملك الفرنج طرابلس
وسبب ذلك أن طرابلس كانت قد صارت في حكم صاحب مصر ونائبه فيها والمدد يأتي منه وقد ذكرنا ذلك سنة إحدى وخمسمائة
فلما كان هذه السنة أول شعبان وصل أسطول كبير من بلد الفرنج في البحر ومقدمهم قمص كبير اسمه ريمند بن صنجيل ومراكبه مشحونة بالرجال والسلاح والميرة فنزل على طرابلس وكان نازلا عليها قبله السرداني ابن أخت صنجيل وليس بابن أخت بل هو هذا ريمند قمص آخر فجرت بينهما فتنة أدت إلى الشر والقتال فوصل طنكري صاحب أنطاكية إليها بمعونة للسرداني ووصل الملك بغدوين صاحب القدس في عسكره فأصلح بينهما ونزول الفرنج جميعهم على طرابلس وشرعوا في قتالها ومضايقة أهلها من أول شعبان وألصقوا أبراجهم بسورها فلما رأى الجند وأهل البلد ذلك سقط في أيديهم وذلت نفوسهم وزادهم ضعفا تأخر الأسطول المصري عنهم بالميرة والنجدة وكان سبب تأخره أنهم فرغوا منه ومن البحث عليه واختلفوا فيه أكثر من سنة وسار فردته الريح فتعذر عليهم الوصول إلى طرابلس ليقضي الله أمرا كان مفعولا وسد الفرنج القتال عليها من الأبراج والزحف فهجموا على البلد وملكوه عنوة وقهرا يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي الحجة من السنة ونهبوا ما فيها وأسروا الرجال وسبوا النساء والأطفال ونهبوا الأموال وغنموا من أهلها من الأموال والأمتعة وكتب دور العلم الموقوفة ما لا يحد ولا يحصى فإن أهلها كانوا من أكثر أهل البلاد أموالا وتجارة وسلم الوالي الذي كان بها وجماعة من جندها كانوا التمسوا الأمان قبل فتحها فوصلوا إلى دمشق وعاقب الفرنج أهلها بأنواع العقوبات وأخذت دفائنهم وذخائرهم من مكامنهم

الصفحة 136