@ 140 @
إليه مالا وعرضا فامتنع به من أحكام المصريين عليه إلا فيما يري من غير مجاهرة بذلك فوصلت الأخبار بذلك إلى الأمر بأحكام الله صاحب مصر وإلى وزيره الأفضل أمير الجيوش فعظم الأمر عليهما وجهزا عسكرا وسيراه إلى عسقلان مع قائد كبير من قواده وأظهرا انه يريد الغزاة وأنفذا إلى القائد سرا أن يقبض على شمس الخلافة الحال فامتنع من الحضور عند العسكر المصري وجاهر بالعصيان وأخرج من كان عنده من عسكر مصر خوفا منهم فلما عرف الأفضل ذلك خاف أن يسلم عسقلان إلى الفرنج فأرسل إليه وطيب قلبه وسكنه وأقره على عمله وأعاد عليه أقطاعه بمصر ثم إن شمس الخلافة خاف أهل عسقلان فأحضر جماعة من الأرمن واتخذهم جندا ولم يزل على هذه الحال إلى آخر سنة أربع وخمسمائة فأنكر الأمر أهل البلد فوثب به قوم من أعيانه وهو راكب فجرحوه فانهزم منهم إلى داره فتبعوه وقتلوه ونهبوا داره وجميع ما فيها ونهبوا بعض دور غيره من أرباب الأموال بهذه الحجة وأرسلوا إلى مصر بجلية الحال إلى الآمر والأفضل فسرا بذلك وأحسنا إلى الواصلين بالبشارة وأرسلا إليه وليا يقيم به ويستعمل مع أهل البلد الإحسان وحسن السيرة فتم ذلك وزال ما كانوا يخافونه
$ ذكر ملك الفرنج حصن الأثارب وغيره $
في هذه السنة جمع صاحب أنطاكية عساكره من الفرنج وحشد الفارس والراجل وسار نحو حصن الأثارب وهو بالقرب من مدينة حلب بينهما ثلاثة فراسخ وحصره ومنع عنه الميرة فضاق الأمر على من به من المسلمين فنقبوا من القلعة نقبا قصدوا أن يخرجوا منه إلى خيمة صاحب أنطاكية فيقتلوه فلما فعلوا ذلك وقربوا من خيمته استأمن إليه صبي أرمني فعرفه الحال فاحتاط واحترز منهم وجد في قتالهم حتى ملك الحصن قهرا وعنوة وقتل من أهله ألفي رجل وسبى وأسر الباقين ثم سار إلى حصن زردنا فحصره وفعل بأهله مثل الأثارب فلما سمع أهل منبج بذلك فارقوها خوفا من الفرنج وكذلك أهل بالس وقصد الفرنج البلدين فرأوهما وليس بهما أنيس فعادوا عنها
وسار عسكر من الفرنج إلى مدينة صيدا فطلب أهلها منهم الأمان فأمنوهم وتسلموا البلد فعظم خوف المسلمين منهم وبلغت القلوب الحناجر وأيقنوا باستيلاء الفرنج على سائر الشام لعدم الحامي له والمانع عنه فشرع أصحاب البلاد الإسلامية