كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 141 @
بالشام في الهدنة معهم فامتنع من الإجابة إلا على قطيعة يأخذونها إلى مدة يسيرة فصالحهم الملك رضوان صاحب حلب على اثنين وثلاثين ألف دينار وغيرها من الخيول والثياب وصالحهم صاحب صور على سبعة آلاف دينار وصالحهم ابن منقذ صاحب شيزر على أربعة آلاف دينار وصالحهم علي الكردي صاحب حماة على ألفي دينار
وكانت مدة الهدنة إلى وقت إدراك الغلة وحصادها ثم إن مراكب أقلعت من ديار مصر فيها التجار ومعهم الأمتعة الكثيرة فوقع عليها مراكب الفرنج فأخذوها وغنموا ما معا لتجار وأسروهم فسار جماعة من أهل حلب إلى بغداد مستنفرين على الفرنج فلما وردوا بغداد اجتمع معهم خلق كثير من الفقهاء وغيرهم فقصدوا جام السلطان واستغاثوا ومنعوا من الصلاة وكسروا المنبر فوعدهم السلطان إنفاذ العساكر للجهاد وسير من دار الخلافة منبرا إلى جامع السلطان فلما كان الجمعة الثانية قصدوا جامع القصر بدار الخلافة ومعهم أهل بغداد فمنعهم حاجب الباب من الدخول فغلبوه على ذلك ودخلوا الجامع وكسروا شباك المقصورة وهجموا إلى المنبر فكسروه وبطلت الجمعة أيضا فأرسل الخليفة إلى السلطان في المعنى يأمره بالاهتمام بهذا الفتق فتقدم حينئذ إلى من معه من الأمراء بالمسير إلى بلادهم والتجهز للجهاد وسير ولده الملك مسعودا مع الأمير مودود صاحب الموصل وتقدموا إلى الموصل ليلحق بهم الأمراء ويسيرون إلى قتال الفرنج وانقضت السنة وساروا في سنة خمس وخمسمائة وكان ما نذكره إن شاء الله تعالى
$ ذكر عدة حوادث $
في هذه السنة عزل نظام الملك أحمد من وزارة السلطان ووزر بعده الخطير محمد بن الحسين الميبذي
وفيها ورد رسول ملك الروم إلى السلطان يستنفره على الفرنج ويحثه على قتالهم ودفعهم عن البلاد وكان رسوله قبل وصوله أهل حلب وكان أهل حلب يقولون للسلطان أما تتقي الله تعالى أن يكون ملك الروم أكثر حمية منك للإسلام حتى قد أرسل إليك في جهادهم
وفيها في رمضان زفت ابنة السلطان ملكشاه إلى الخليفة وزينت بغداد وغلقت وكان بها فرحة عظيمة لم يشاهد الناس مثلها
وفيها هبت بمصر ريح سوداء أظلمت بها الدنيا وأخذت بأنفاس الناس ولم يقدر أحد يفتح عينيه ومن فتحها لا يبصر يده
ونزل على الناس رمل ويئس الناس من الحياة وأيقنوا

الصفحة 141