كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 143 @

$ ثم دخلت سنة خمس وخمسمائة $
$ ذكر مسير العساكر إلى قتال الفرنج $
في هذه السنة اجتمعت العساكر التي أمرها السلطان بالمسير إلى قتال الفرنج فكانوا الأمير مودود صاحب الموصل والأمير سكمان القطبي صاحب تبريز وبعض ديار بكر والأمير أيلبكي وزنكي ابنا برسق ولهما همذان وما جاورها والأمير أحمديل وله مراغة وكوتب الأمير أبو الهيجا صاحب إربل والأمير أيلغازي صاحب ماردين والأمراء البيكجية باللحاق بالملك مسعود ومودود فاجتمعوا ما عدا الأمير أيلغازي فإنه سير ولده أياز وأقام هو فلما اجتمعوا وساروا إلى بلده سنجار ففتحوا عدة حصون للفرنج وقتل من بها منهم وحصروا مدينة الرها مدة ثم رحلوا عنها من غير أن يملكوها
وكان سبب رحيلهم عنها أن الفرنج اجتمعت جميعها فارسها وراجلها وساروا إلى الفرات ليعبروها ليمنعوا الرها من المسلمين فلما وصلوا إلى الفرات بلغهم كثرة المسلمين فلم يقدموا عليه وأقاموا على الفرات فلما رأى المسلمون ذلك رحلوا عن الرها إلى حران ليطمع الفرنج ويعبروا الفرات إليهم ويقاتلوهم فلما رحلوا عنها جاء الفرنج ومعهم الميرة والذخائر إلى الرها فجعلوا فيها كل ما يحتاجون إليه بعد أم كانوا قليلي الميرة وقد أشرفوا على أن يؤخذوا وأخذوا كل من فيه عجز وفقر وعادوا إلى الفرات فعبروه إلى الجانب الشامي وطرقوا أعمال حلب فأفسدوا ما فيها ونهبوها وقتلوا فيها وأسروا وسبوا خلقا كثيرا
وكان سبب ذلك أن الفرنج لما عبروا إلى الجزيرة خرج الملك رضوان صاحب حلب إلى ما أخذه الفرنج من أعمالها فاستعاد بعضه ونهب منهم وقتل فلما عادوا وعبروا الفرات فعلوا بأعماله ما فعلوا وأما العسكر السلطاني فإنه لما سمع بعود الفرنج وعبورهم الفرات رحلوا إلى الرها وحصروها فرأوا أمرا محكما قد قويت نفوس أهلها بالذخائر التي تركت عندهم وبكثرة المقاتلين عنهم ولم يجدوا مطمعا فرحلوا عنها

الصفحة 143