كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 158 @

$ ثم دخلت سنة تسع وخمسمائة $
$ ذكر انهزام عسكر السلطان من الفرنج $
قد ذكرنا ما كان من عصيان أيلغازي وطغتكين على السلطان وقوة الفرنج فلما اتصل بالسلطان محمد جهز عسكرا كثيرا وجعل مقدمهم الأمير برسق بن برسق صاحب همذان ومعه الأمير جيوش بك والأمير كنتغدي وعساكر الموصل والجزيرة وأمرهم بالبداءة بقتل أيلغازي فإذا فرغوا منهما قصدوا بلاد الفرنج وقاتلوهم وحصروا بلادهم فساروا في رمضان من سنة ثمان وخمسمائة وكان عسكرا كثير العدة وعبروا الفرات آخر السنة عند الرقة فلما قاربوا حلب راسلوا المتولي لأمرها لؤلؤا الخادم ومقدم عسكرها المعروف بشمس الخواص يأمرونها بتسليم حلب وعرضوا عليهما كتب السلطان بذلك فغالطا في الجواب وأرسلا إلى أيلغازي وطغتكين يستنجد أنهما قسارا إليهم في ألفي فارس ودخلا حلب فامتنع من بها حينئذ عن عسكر السلطان وأظهروا العصيان فسار الأمير برسق بن برسق إلى مدينة حماة وهي في طاعة طغتكين وبها ثقله فحصرها وفتحها عنوة ونهبها ثلاثة أيام وسلمها إلى الأمير قرجان صاحب حمص وكان السلطان قد أمر أن يسلم إليه كل بلد يفتحونه فلما رأى الأمراء بذلك فشلوا وضعفت نياتهم في القتال بحيث تؤخذ البلاد وتسلم إلى قرجان فلما سلموا حماة إلى قرجان سلم إليهم أياز بن أيلغازي وكان قد سار أيلغازي وطغتكين وشمس الخواص إلى أنطاكية واستجاروا بصاحبها روجيل وسألوه أن يساعدهم على حفظ مدينة حماة فلما بلغهم فتحها ووصل إليهم بأنطاكية بغدوين صاحب القدس وصاحب طرابلس وغيرهما من شياطين الفرنج اتفق رأيهم على ترك اللقاء لكثرة المسلمين وقالوا إنهم عند هجوم الشتاء يتفرقون واجتمعوا بقلعة أفامية وأقاموا نحو شهرين فلما انتصف أيلول ورأوا عزم المسلمين على المقام تفرقوا فعاد أيلغازي إلى ماردين

الصفحة 158