كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 16 @
الموضع جميعهم ومعهم عامتهم والصناع منهم وحفروا في جميع الأماكن فوجدوها كما ذكر فقال لهم أبشروا بالظفر فخرجوا في اليوم الخامس من الباب متفرقين من خمسة وستة ونحو ذلك فقال المسلمون لكربوقا ينبغيأن تقف على الباب قتقتل كل من يخرج فإن أمرهم الآن متفرقون سهل
فقال لا تفعلوا أمهلوهم حتى يتكامل خروجهم فنقتلهم ولم يمكن من معالجتهم فقتل قوم من المسلمين جماعة من الخارجين فجاء إليهم هو بنفسه ومنعهم ونهاهم
فلما تكامل خروج الفرنج ولم يبق بأنطاكية أحد منهم ضربوا مصافا عظيما فولى المسلمون منهزمين لما عاملهم به كربوقا أولا من الاستهانة لهم والإعراض عنهم وثانيا من منعهم عن قتل الفرنج وتمت الهزيمة عليهم ولم يضرب أحد منهم بسيف ولا طعن برمح ولا رمى بسهم وآخر من انهزم سقمان بن أرتق وجناح الدولة لأنهما كانا في الكمين وانهزم كربوقا معهم فلما رأى الفرنج ذلك ظنوه مكيدة إذ لم يجر قتال ينهزم من مثله وخافوا أن يتبعوهم ومثبت جماعة من المجاهدين وقاتلوا حسبة وطلبا للشهادة فقتل الفرنج منهم ألوفا وغنموا ما في العسكر من الأقوات والأموال والأثاث والدواب والأسلحة فصلحت حالهم وعادت إليهم قوتهم
$ ذكر ملك الفرنج معرة النعمان $
لما فعل الفرنج بالمسلمين ما فعلوا ساروا إلى معرة النعمان فنازلوها وحصروها وقاتلهم أهلها قتالا شديدا ورأى الفرنج شدة ونكاية ولقوا منهم الجد في حربهم والاجتهاد في قتالهم فعملوا عند برجا من خشب يوازي سور المدينة ووقع القتال عليه فلم يضر المسلمين ذلك فلما كان الليل خاف قوم من المسلمين وتداخلهم الفشل والهلع وظنوا أنهم إذ تحصنوا ببعض الدور الكبار امتنعوا بها فنزلوا من السور وأخلوا الموضع الذي كانوا يحفظونه فرآهم طائفة أخرى ففعلوا كفعلهم فخلا مكانهم أيضا من السور ولم تزل تتبع طائفة منهم التي تليها في النزول حتى خلا السور فصعد الفرنج إليه على السلاليم فلما علوه تحير المسلمون ودخلوا دورهم فوضع الفرنج فيهم السيف ثلاثة أيام فقتلوا ما يزيد على مائة ألف وسبوا السبي الكثير وملكوه أقاموا أربعين يوما وساروا إلى عرقة فحصروها أربعة أشهر ونقبوا سورها عدة ثقوب فلم يقدروا عليها وراسلهم منقذ صاحب شيزر فصالحهم عليها وساروا إلى حمص وحصروها فصالحهم صاحبها جناح الدولة وخرجوا على طريق النواقير إلى عكا فلم يقدروا عليها

الصفحة 16