كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 160 @

$ ذكر ملك الفرنج رفنية وأخذها منهم $
في هذه السنة في جمادى الآخرة ملك الفرنج رفينة من أرض الشام وهي لطغتكين صاحب دمشق وقووها بالرجال والذخائر وبالغوا في تحصينها فاهتم طغتكين لذلك وقوى عزمه على قصد بلاد الفرنج بالنهب لها والتخريب فأتاه الخبر عن رفنية لخلوها عن عسكر يمنع عنها وليس هناك إلا الفنج الذي رتبوا لحفظها فسار إليها جريدة فلم يشعر من بها إلا وقد هجم عليهم البلد فدخله عنوة وقهرا وأخذ كل من فيه من الفرنج أسيرا فقتل البعض وترك البعض وغنم المسلمون من سوادهم وكرائمهم وذخائرهم ما امتلأت منه أيديهم وعادوا إلى بلادهم سالمين
$ ذكر وفاة يحيى بن تميم وولاية ابنه علي $
في هذه السنة توفي يحيى بن تميم بن المعز بن باديس صاحب إفريقية يوم عيد الأضحى فجأة وكان منجم قد قال له في منستير مولده إن عليه قطعا في هذا اليوم فلا تركب فلم يركب وخرج أولاده وأهل دولته إلى المصلى فلما انقضت الصلاة حضروا عنده للسلام عليه وتهنئته وقرأ القراء وأنشد الشعراء وانصرفوا إلى الطعام فقام يحيى من باب آخر ليحضر معهم على الطعام فلم يمش غير ثلاث خطا وقع ميتا وكان ولده علي بمدينة سفاقس فأحضر وعقدت له الولاية ودفن بالقصر ثم نقل إلى التربة بالمنستير وكان عمره سنتين وخمسين سنة وخمسة عشر يوما وكانت ولايته ثمان سنين وخمسة أشهر وخمسة وعشرين يوما وخلف ثلاثين ولدا فقال عبد الجبار بن محمد بن حمديس الصقلي يرثيه ويهنئ ابنه عليا بالملك
( ما أغمد الغضب إلا جرد الذكر ... ولا اختفى قمر حتى بدا قمر )
( بموت يحيى أميت الناس كلهم ... حتى إذا ما جاءهم نشروا )
( أن يبعثوا بسرور من تملكه ... فمن منية يحيى بالأسى قبروا )
( أوفى علي فسن الملك ضاحكة ... وعينيها من أبيه دمعها همر )
( شقت جيوب المعالي بالأسى فبكت ... في كل أفق عليه الأنجم الزهر )
( وقل لابن تميم حزن ما دهما ... فكل حزن عظيم فيه محتقر )

الصفحة 160