كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 164 @
قهرا قط لأنه واد نحو فرسخين وفي صدره قلعة منيعة على جبل عال وأهل دار أبجرد يتحصنون به إذا خافوا فأقاموا به وحفظوا أعلاه فلما رأى جاولي حصانته سار يطلب البرية نحو كرمان كأنما أمره ثم رجع من طريق كرمان إلى دار أبجرد مظهرا أنه من عسكر الملك أرسلانشاه صاحب كرمان فلم يشك أهل الحصن أنهم مدد لهم مع صاحبهم فأظهروا السرور وأذنوا له في دخول المضيق فلما دخله وضع السيف فيمن هناك فلم ينج غير القليل ونهب أموال أهل دار ابجرد وعاد إلى مكانه وراسل خسروا يعلمه أنه عازم على التوجه إلى كرمان ويدعوه إليه فلم يجد بدا من موافقته فنزل إليه طائعا وسار معه إلى كرمان وأرسل إلى صاحبها القاضي أبا طاهر عبد الله بن طاهر قاضي شيراز يأمره بإعادة الشوانكارة لأنهم رعية السلطان ويقول إنه متى أعادهم عاد عن قصد بلاده وإلا قصده فأعاد صاحب كرمان جواب الرسالة يتضمن الشفاعة فيهم حيث استجاروا به ولما وصل الرسول إلى جاولي أحسن إليه وأجزل له العطاء وأفسده على صاحبه وجعله عينا له عليه وقرر معه إعادة عسكر كرمان ليدخل البلاد وهم غارون فلما عاد الرسول وبلغ السيرجان وبها عساكر صاحب كرمان ووزيره مقدم الجيش أعلم الوزير ما عليه جاولي من المقاربة وأنه لا يفارق ما كرهوه وأكثر من هذا النوع وقال لكنه مستوحش من اجتماع العساكر بالسيرجان وأن أعداء جاولي طمعوا فيه بهذا العسكر والرأي أن تعاد العساكر إلى بلادها فعاد الوزير والعساكر وخلت السيرجان وسار جاولي في أثر الرسول فنزل بفرج وهي الحد بين فارس وكرمان فحاصرها فلما بلغ ذلك ملك كرمان أحضر الرسول وأنكر عليه إعادة العسكر فاعتذر إليه وكان مع الرسول فراش لجاولي ليعود إليه بالأخبار فارتاب به الوزير فعاقبه فأقر على الرسول فصلب ونهبت أمواله وصلب الفراش وندب العساكر إلى المسير إلى جاولي فساروا في ستة آلاف فارس وكانت الولاية التي هي الحد بين فارس وكرمان بيد إنسان يسمى موسى وكان ذا رأي ومكر فاجتمع بالعسكر وأشار عليهم بترك الجادة المسلوكة
وقال إن جاولي محتاط بها وسلك بهم طريقا غير مسلوكة بين جبال ومضايق وكان جاولي يحاصر فرج وقد ضيق على من بها وهو مدمن الشرب فسير أميرا في طائفة من عسكره ليلقى العسكر المنفذ من كرمان فسار الأمير فلم ير أحدا فظن أنهم قد عادوا فرجع إلى جاولي وقال إن العسكر كان قليلا فعاد خوفا منا فاطمأن حينئذ جاولي وأدمن شرب الخمر ووصل عسكر كرمان إليه وهو سكران نائم فأيقظه بعض أصحابه وأخبره فقطع لسانه فأتاه غيره

الصفحة 164