كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 185 @
بهم فعاد الرسول وأبلغه عن الأمراء الذين مع السلطان محمود أنهم لا يصالحونه حتى يعود إلى خراسان فلم يجب إلى ذلك وسار من همذان إلى كرج وأعاد مراسلة السلطان محمود في الصلح ووعده أن يجعله ولي عهده فأجاب إلى ذلك واستقر الأمر بينهما وتحالف عليه وسار السلطان محمود إلى عمه سنجر في شعبان فنزل على جدته والدة سنجر وأكرمه عمه وبالغ في ذلك وحمل له السلطان محمود هدية عظيمة فقبلها ظاهرا وردها باطنا ولم تقبل منه سوى خمسة أفراس عربية وكتب السلطان سنجر إلى سائر الأعمال التي بيده كخراسان وغزنة وما وراء النهر وغيرها من الولايات بأن يخطب للسلطان محمود بعده وكتب إلى بغداد مثل ذلك وأعاد عليه جميع ما أخذ من البلاد سوى الري وقصد بأخذها أن تكون له في هذه الديار لئلا يحدث السلطان محمود نفسه بالخروج
$ ذكر غزاة أيلغازي بلاد الفرنج $
في هذه السنة سار الفرنج من بلادهم إلى نواحي حلب فملكوا بزاعة وغيرها وأخربوا بلد حلب ونازلوها ولم يكن بحلب من الذخائر ما يكفيها شهرا واحدا وخافهم أهلها خوفا شديدا ولو مكنوا من القتال لم يبق بها أحد لكنهم منعوا من ذلك وصنعوا الفرنج أهل حلب على أن يقاسموهم على أملاكهم التي بباب حلب فأرسل أهل البلد إلى بغداد يستغيثون ويطلبون النجدة فلم يغاثوا وكان الأمير أيلغازي صاحب حلب ببلد ماردين يجمع العساكر والمتطوعة للغزاة فاجتمع عليه نحو عشرين ألفا وكان معه أسامة بن المبارك بن شبل الكلابي والأمير طغان أرسلان بن المكر صاحب بدليس وأرزن وسار بهم إلى الشام عازما على قتال الفرنج فلما علم الفرنج قوة عزمهم على لقائهم وكانوا ثلاثة آلاف فارس وتسعة آلاف راجل فنزلوا قريبا من الأثارب بموضع يقال له تل عفرين بين جبال ليس لها طريق إلا من ثلاث جهات وفي هذا الموضع قتل شرف الدولة مسلم بن قريش وظن الفرنج أن أحدا لا يسلك إليهم لضيق الطريق فأخلدوا إلى المطاولة وكانت عادة لهم إذا رأوا قوة من المسلمين وراسلوا أيلغازي يقولون له لا تتعب نفسك بالمسير إلينا فنحن واصلون إليك فأعلم أصحابه بما قالوه واستشارهم فيما يفعل فأشاروا إليه بالركوب من وقته وقصدهم ففعل ذلك وسار إليهم ودخل الناس من الطرق الثلاثة ولم تعتقد الفرنج أن أحدا يقدم عليهم لصعوبة

الصفحة 185