كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 186 @
المسلك إليهم فلم يشعروا إلا وأوائل المسلمين قد غشيهم فحمل الفرنج حملة منكرة فولوا منهزمين فلقوا باقي العسكر متتابعة فعادوا معهم وجرى بينهم حرب شديدة وأحاطوا بالفرنج من جميع جهاتهم وأخذهم السيف من سائر نواحيهم فلم يفلت منهم غير نفر يسير وقتل الجميع وأسروا وكان في جملة الأسرى نيف وسبعون فارسا من مقدميهم وحملوا إلى حلب فبذلوا في نفوسهم ثلاثمائة ألف دينار فلم يقبل منهم وغنم المسلمون منهم الغنائم الكثيرة وأما سيرجال صاحب أنطاكية فإنه قتل وحمل رأسه وكانت الوقعة منتصف ربيع الأول فما مدح به أيلغازي في هذه الوقعة قول العظيمي
( قل ما تشاء فقولك المقبول ... وعليك بعد الخالق التعويل )
( واستبشر القرآن حين نصرته ... وبكى لفقد رجاله الإنجيل )
ثم تجمع من سلم من المعركة مع غيرهم فلقيهم أيلغازي أيضا فهزمهم وفتح منهم حصن الأثارب وزردنا وعاد إلى حلب وقرر أمرها وأصلح حالها ثم عبر الفرات إلى ماردين
$ ذكر وقعة أخرى مع الفرنج $
في هذه السنة سار جوسلين صاحب تل باشر في جمع من الفرنج نحو مائتي فارس من طبرية فكبس طائفة من طي يعرفون ببني خالد فأخذهم وأخذ غنائمهم وسألهم من طبرية عن بقية قومهم من بني ربيعة فأخبروه أنهم من وراء الحزن بوادي السلالة بين دمشق وطبرية فقدم جوسلين مائة وخمسين فارسا من أصحابه وسار هو في خمسين فارسا على طريق آخر وواعدهم الصبح ليكسبوا بني ربيعة فوصلهم الخبر بذلك فأرادوا الرحيل فمنعهم أميرهم من بني ربيعة وكانوا في مائة وخمسين فارسا فوصلهم المائة وخمسون من الفرنج من الفرنج معتقدين أن جوسلين قد سبقهم أو سيدركهم فأضل الطريق وتساوت العدتان فاقتتلوا وطعنت العرب خيولهم جعلوا أكثرهم رجالة وظهر من أميرهم شجاعة وحسن تدبير وجودة رأي فقتل من الفرنج سبعون وأسر اثنا عشر من مقدميهم بذل كل واحد في فداء نفسه مالا جزيلا وعدة من الأسرى وأما جوسلين فإنه ضل في الطريق وبلغه خبر الوقعة فسار إلى طرابلس فجمع بها جمعا وأسرى إلى عسقلان فأغار على بلدها فهزمه المسلمون هناك فعاد مفلولا

الصفحة 186