كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 19 @
الملك البلاساني بقتله وكان له مثل يومه عن قريب وكان عمر أنز سبعا وثلاثين سنة وكان كثير الصوم والصلاة والخير والمحبة للصالحين
$ ذكر ملك الفرنج لعنهم الله البيت المقدس $
كان البيت المقدس لتاج الدولة تتش وأقطعه للأمير سقمان بن أرتق التركماني فلما ظفر الفرنج بالأتراك على أنطاكية وقتلوا فيهم ضعفوا وتفرقوا فلما رأى المصريون ضعف الأتراك ساروا إليه ومقدمهم الأفضل بن بدر الجمالي وحصروه وبه الأمير سقمان وأيلغازي ابنا أرتق وابن عمهما سونج وابن اخيهما ياقوتي ونصب عليه نيفا وأربعين منجنيقا فهدموا مواضع من سوره وقاتلهم أهل البلد فدام القتال والحصار نيفا وأربعين يوما وملكوه بالأمان في شعبان سنة تسع وثمانين وأربعمائة وأحسن الأفضل إلى سقمان وأيلغازي ومن معهما وأجزل لهم العطاء وسيرهم فساروا إلى دمشق ثم عبروا الفرات فأقام سقمان ببلد الرها وسار أيلغازي إلى العراق واستناب المصريون فيه رجلا يعرف بافتخار الدولة وبقي فيه إلى الآن فقصده الفرنج بعد أن حصروا عكا فلم يقدروا عليها فلما وصلوا إليه حصروه نيفا وأربعين يوما ونصبوا عليه برجين أحدهما من ناحية صهيون وأحرقه المسلمون وقتلوا كل من به فلما فرغوا من إحراقه أتاهم المستغيث بأن المدينة قد ملكت من الجانب الآخر وملكوها من جهة الشمال منه ضحوة نهار يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان وركب الناس السيف ولبث الفرنج في البلدة أسبوعا يقتلون فيه المسلمين واحتمى جماعة من المسلمين بمحراب داود فاعتصموا به وقاتلوا فيه ثلاثة أيام فبذل لهم الفرنج الأمان فسلموه إليهم ووفى لهم الفرنج وخرجوا ليلا إلى عسقلان فأقاموا بها وقتل الفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألفا منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم وعبادهم وزهادهم ممن فارق الأوطان وجاور بذلك الموضع الشريف وأخذوا من عند الصخرة نيفا ومأربعين قنديلا من الفضة وزن كل قنديل ثلاثة آلاف وستمائة درهم أخذوا تنور من فضة وزنه أربعون رطلا بالشامي وأخذوا من القناديل الصغار مائة وخمسين قنديلا نقرة ومن الذهب نيفا وعشرين قنديلا وغنموا منه ما لا يقع عليه الإحصاء
وورد المستنفرين من الشام في رمضان إلى بغداد صحبة القاضي أبي سعد الهروي فأوردوا في الديوان كلاما أبكى وأوجع القلوب وقاموا بالجامع يوم الجمعة فاستغاثوا وبكوا وأبكوا وذكروا ما دهم المسلمين بذلك الشريف

الصفحة 19