@ 197 @
أعيانهم بين يديه وجعل يعظهم ويذكرهم بأيام الله ويذكر لهم شرائع الإسلام وما غير منها وما حدث من الظلم والفساد وأنه لا يجب طاعة دولة من هذه الدول لاتباعهم الباطل بل الواجب قتالهم ومنعهم عما هم فيه فأقام على ذلك نحو سنة وتابعه هرغة قبيلته وسمى أتباعه الموحدين وأعلمهم أن النبي بشر بالمهدي الذي يملأ الأرض عدلا وأن مكانه الذي يخرج منه المغرب الأقصى فقام إليه عشرة رجال أحدهم عبد المؤمن فقالوا لا يوجد هذا إلا فيك فأنت المهدي فبايعوه على ذلك
فانتهى خبره إلى أمير المسلمين فجهز جيشا من أصحابه وسيرهم إليه فلما قربوا من الجبل الذي هو فيه قال لأصحابه إن هؤلاء يريدونني وأخاف عليكم منهم فالرأي أن أخرج بنفسي إلى غير هذه البلاد لتسلموا أنتم فقال له ابن توفيان من مشايخ هرغة هل تخاف شيئا من السماء فقال لا بل من السماء تنصرون فقال ابن توفيان فيأتينا كل من في الأرض ووافقه جميع قبيلته فقال المهدي أبشروا بالنصر والظفر بهذه الشرذمة وبعد قليل تستأصلون دولتهم وترثون أرضهم
فنزلوا من الجبل ولقوا جيش أمير المسلمين فهزمهم وأخذوا أسلابهم وقوي ظنهم في صدق المهدي حيث ظفروا كما ذكر لهم
وأقبلت إليه أفواج من الحلل التي حوله شرقا وغربا وبايعوه
وأطاعه قبيلة هنتانة وهي من أقوى القبائل فأقبل عليهم واطمأن إليهم
وأتاه رسل أهل تينملل بطاعتهم وطلبوه إليهم فتوجه إلى جبل تينملل واستوطنه وألف لهم كتابا في التوحيد وكتابا في العقيدة ونهج لهم طريق الأدب بعضهم مع بعض والاقتصار على القصير من الثياب القليل الثمن
وهو يحرضهم على قتال عدوهم وإخراج الأشرار من بين أظهوهم
وأقام بتينملل وبنى له مسجدا خارج المدينة فكان يصلي فيه الصلوات هو وجمع ممن معه عنده ويدخل البلد بعد العشاء الآخرة فلما رأى كثرة أهل الجبل وحصانة المدينة خاف أن يرجعوا عنه فأمرهم أن يحضروا بغير سلاح ففعلوا ذلك عدة أيام ثم إنه أمر أصحابه أن يقتلوهم فخرجوا عليهم وهم غارون فقتلوهم في ذلك المسجد
ثم دخل المدينة فقتل فيها وأكثر وسبى الحريم ونهب الأموال فكان عدة القتلى خمسة عشر ألفا وقسم المساكن والأرض بين أصحابه وبنى على المدينة سورا وقلعة على رأس جبل عال
وفي جبل تينملل أنهار جارية وأشجار وزروع والطريق إليه صعب فلا جبل أحصن منه
وقيل إنه لما خاف أهل تينملل نظر فرأى كثيرا من أولادهم شقرا زرقا