كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 200 @
فقاتلوهم فانهزم أصحاب ابن تومرت وكان أميرهم أبو عبد الله الونشريشي وقتل منهم كثير وجرح عمر الهنتاني وهو أكبر أصحابه وسكن حسن حسه ونبضه
فقالوا مات فقال الونشريشي أما إنه لم يمت ولا يموت حتى يملك البلاد فبعد ساعة فتح عينيه وعادت قوته إليه فافتتنوا به وعادوا منهزمين إلى ابن تومرت فوعظهم وشكرهم على صبرهم
ثم لم يزل بعدها يرسل السرايا في أطراف بلاد المسلمين فإذا رأوا عسكرا تعلقوا بالجبل فأمنوا
وكان المهدي قد رتب أصحابه مراتب فالأولى يسمون أيت عشرة يعني أهل عشرة وأولهم عبد المؤمن ثم أبو حفص الهنتاني وغيرهما وهم أشرف أصحابه وأهل الثقة عنده والسابقون إلى متابعته
والثانية أيت خمسين يعني أهل خمسين وهم دون تلك الطبقة وهم جماعة من رؤساء القبائل
والثالثة أيت سبعين يعني أهل سبعين وهم دون التي قبلها
وسمى عامة أصحابه والداخلين في طاعته موحدين
فإذا ذكر الموحدون في أخبارهم فإنما يعني أصحابه وأصحاب عبد المؤمن بعده ولم يزل أمر ابن تومرت يعلو إلى سنة أربع وعشرين فجهز المهدي جيشا كثيفا يبلغون أربعين ألفا فأكثرهم رجالة وجعل عليهم الونشريشي وسير معهم عبد المؤمن فنزلوا وساروا إلى مراكش فحصروها وضيقوا عليها وبها أمير المسلمين علي بن يوسف فبقي الحصار عليها عشرين يوما
فأرسل أمير المسلمين إلى متولي سجلماسة يأمره أن يحضر معه الجيوش
فجمع جيشا كثيرا وسار فلما قارب عسكر المهدي خرج أهل مراكش من غير الجهة التي أقبل منها فاقتتلوا واشتد القتال وكثر القتل وأصحاب المهدي فقتل الونشريشي أميرهم فاجتمعوا إلى عبد المؤمن وجعلوه أميرا عليهم
ولم يزل القتال بينهم عامة النهار وصلى عبد المؤمن صلاة الخوف الظهر والعصر والحرب قائمة ولم تصل بالمغرب قبل ذلك فلما رأى المصامدة كثيرة المرابطين وقوتهم أسندوا ظهورهم إلى بستان يسمى عندهم البحيرة فلهذا قيل وقعة البحيرة وعام البحيرة وصاروا يقاتلون من جهة واحدة إلى أن أدركهم الليل وقد قتل من المصامدة أكثرهم
وحين قتل الونشريشي دفنه عبد المؤمن فطلبه المصامدة فم يروه في القتلى فقالوا رفعته الملائكة ولما جنهم الليل سار عبد المؤمن ومن سلم من القتلى إلى الجبل

الصفحة 200