كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 205 @
وجعل إسحاق يرتعد رغبة في البقاء ويدعو لعبد المؤمن ويبكي فقام إليه الأمير سير بن الحاج وكان إلى جانبه مكتوفا فبزق في وجهه وقال تبكي على أبيك وأمك اصبر صبر الرجال فهذا رجل لا يخاف ولا يدين بدين فقام الموحدون إليه بالخشب فضربوه حتى قتلوه وكان من الشجعان المعروفين بالشجاعة
وقدم إسحاق على صغر سنه فضربت عنقه سنة اثنتين وأربعين وهو آخر ملوك المرابطين وبه انقرضت دولتهم وكانت مدة ملكهم سبعين سنة وولي منهم أربعة يوسف وعلي وتاشفين وإسحاق ولما فتح عبد المؤمن مراكش أقام بها واستوطنها واستقر ملكه ولما قتل عبد المؤمن من أهل مراكش فأكثر فيهم القتل اختفى كثير من أهلها
فلما كان بعد سبعة أيام أمر فنودي بأمان من بقي من أهلها فخرجوا فأراد أصحابه المصامدة قتلهم وقال هؤلاء صناع وأهل الأسواق من ننتفع به فتركوا وأمر بإخراج القتلى من البلد فأخرجوهم وبنى بالقصر جامعا كبيرا وزخرفه فأحسن عمله وأمر بهدم الجامع الذي بناه أمير المسلمين يوسف بن تاشفين
ولقد أساء يوسف بن تاشفين في فعله بالمعتمد بن عباد وارتكب بسجنه على الحالة المذكورة أقبح مركب فلا جرم سلط الله عليه في عقابه من أربى في الأخذ عليه وزاد فتبارك الحي الدائم الملك الذي لا يزول ملكه وهذه سنة الدنيا فأف لها ثم أف نسأل الله أن يختم أعمالنا بالحسنى ويجعل خير أيامنا يوم نلقاه بمحمد وآله
$ ذكر ظفر عبد المؤمن بدكالة $
في سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة سار بعض المرابطين من الملثمين إلى دكالة فاجتمع إليه قبائلها وصاروا يغيرون على أعمال مراكش وعبد المؤمن لا يلتفت إليهم فلما كثر ذلك منهم سار إليهم سنة أربع وأربعين فلما سمعت دكالة بذلك انحشروا كلهم إلى ساحل البحر في مائتي ألف راجل وعشرين ألف فارس وكانوا موصوفين بالشجاعة وكان مع عبد المؤمن من الجيوش ما يخرج عن الحصر وكان الموضع الذي فيه دكالة كثير الحجر والحزونة فكمنوا فيه كمناء ليخرجوا على عبد المؤمن إذا سلكه فمن الاتفاق الحسن له أنه قصدهم من غير الجهة التي فيها الكمناء فانحل عليهم ما قدروه وفارقوا ذلك الموضع فأخذهم السيف فدخلوا البحر فقتل

الصفحة 205