@ 35 @
المملكة فبرز إليه توقيع الخليفة المستظهر بالله يتضمن الامتعاض من سوء سيرة بركيارق ومن معه والاستبشار بقدومه وخطب له بالديوان ونزل الملك سنجر بدار كوهرائين وكان محمد قد استوزر بعد مؤيد الملك خطير الملك أبا منصور محمد بن الحسين وقدم إليه في المحرم سنة خمس وتسعين الأمير سيف الدولة صدقة وخرج الخلق كلهم إلى لقائه
$ ذكر حال قاضي جبلة $
هو أبو محمد عبيد الله بن منصور المعروف بابن صليحة وكان والده رئيسها أيام كان الروم مالكين لها على المسلمين يقضي بينهم فلما ضعف أمر الروم وملكها المسلمون وصارت تحت حكم جلال الملك أبي الحسن علي بن عمار صاحب طرابلس كان منصور على عادته في الحكم فيها فلما توفي منصور قام ابنه أبو محمد مقامه وأحب الجندية واختار الجند فظهرت شهامته فأراد ابن عمار أن يقبض عليه فاستشعر منه وعصى عليه وأقام الخطبة العباسية فبذل ابن عمار لدقاق بن تتش مالا ليقصده ويحصره ففعل وحصره فلم يظفر منه بشيء وأصيب صاحبه أتابك طغتكين بنشابة في ركبته وبقي أثرها وبقي أبو محمد بها مطاعا إلى أن جاء الفرنج لعنهم الله فحصروها فأظهر أن السلطان بركيارق قد توجه إلى الشام وشاع هذا فرحل الفرنج فلما تحققوا اشتغال السلطان عنهم عاودوا حصاره فأظهر أن المصريين قد توجهوا لحربهم فرحلوا ثانيا ثم عادوا فقرر مع النصارى الذين بها أن يرسلوا الفرنج ويواعدهم إلى برج من أبراج البلدة ليسلموه إليهم ويملكوا البلد فلما أتتهم الرسالة جهزوا ثلاثمائة رجل من أعيانهم وشجعانهم فتقدموا إلى ذلك البرج فلم يزالوا يرقون في الجبال واحدا بعد واحد وكلما صار عند ابن صليحة وهو على السور رجل منهم قتله إلى أن قتلهم أجمعين فلما صار عند ابن صليحة وهو على السور رجل منهم قتله إلى أن قتلهم أجمعين فلما أصبحوا رمى الرؤوس إليهم فرحلوا عنه وحصروه مرة أخرى ونصبوا على البلد برج خشب وهدموا برجا من أبراجه وأصبحوا وقد بناه أبو محمد ثم نقب في السور نقوبا وخرج من الباب وقاتلهم فانهزم منهم وتبعوه فخرج أصحابه من تلك النقوب فأتوا الفرنج من ظهورهم فولوا منهزمين وأسر مقدمهم المعروف بكند اصطيل فافتدى نفسه بمال جزيل ثم علم أنهم لا يقعدون عن طلبه وليس له من يمنعهم عنه فأرسل إلى طغتكين أتابك يلتمس منه إنفاذ من يثق به ليسلم إليه ثغر جبلة ويحميه ليصل هو إلى دمشق بماله وأهله فأجابه إلى ما التمس وسير ولده الملوك بوري فسلم