@ 36 @
إليه البلد ورحل إلى دمشق وسأله أن يسيره إلى بغداد ففعل وسيره ومعه من يحميه إلى أن وصل الأنبار ولما صار بدمشق أرسل ابن عمار صاحب طرابلس إلى الملك دقاق وقال سلم إلي ابن صليحة عريانا وخذ ماله أجمع وأنا أعطيك ثلاثمائة ألف دينار فلم يفعل فلما وصل إلى الأنبار أقام بها أياما ثم سار إلى بغداد وبها السلطان بركيارق فلما وصل أحضره الوزير الأعز أبو المحاسن عنده وقال له السلطان محتاج والعساكر يطالبونه بما ليس عنده ونريد منك ثلاثين ألف دينار وتكون لك منة عظيمة تستحق بها المكافأة والشكر فقال السمع والطاعة ولم يطلب أن يحط شيئا وقال إن رحلي ومالي في الأنبار بالدار التي نزلتها فأرسل الوزير إليها جماعة فوجدوا فيها مالا كثيرا وأعلاقا نفيسة فمن جملة ذلك ألف ومائة مصاغا عجيب الصنعة ومن الملابس والعمائم التي لا يوجد مثلها شيء كثير
كان ينبغي أن نذكر هذه الحوادث التي بعد انهزام السلطان محمد إلى ههنا بعد قتل الباطنية فإنها كانت أواخر السنة وكان قتلهم في شعبان وإنما قدمناها لنتبع بعض الحادثة بعضا لا يفصل بينها شيء
وأما تاج الملوك بوري فإنه لما ملك جبلة وتمكن منها أساء السيرة هو وأصحابه مع أهلها وفعلوا بهم أفعالا أنكروها فراسلوا القاضي فخر الملك أبا علي عمار بن محمد بن عمار صاحب طرابلس وشكوا إليه ما يفعل بهم وطلبوا منه أن يرسل إليهم بعض أصحابه ليسلموا إليه البلد ففعل ذلك سير إليهم عسكر فدخلوا جبلة واجتمعوا بأهلها وقاتلوا تاج الملوك ومن معه فانهزم الأتراك وملك عسكر بن عمار جبلة وأخذوا تاج الملوك أسيرا وحملوه إلى طرابلس فأكرمه ابن عمار وأحسن إليه وسيره إلى أبيه بدمشق واعتذر إليه صورة الحال وأنه خاف أن يملك الفرنج جبلة
$ ذكر قتل الباطنية $
في هذه السنة في شعبان أمر السلطان بركيارق بقتل الباطنية وهم الإسماعيلية وهم الذين كانوا قديما يسمون قرامطة
ونحن نبتدئ بأول أمرهم الآن ثم بسبب قتلهم فأول ما عرف من أحوالهم أعني هذه الدعوة الأخيرة التي اشتهرت بالباطنية والإسماعيلية في أيام السلطان ملكشاه فإنه اجتمع منهم ثمانية عشر رجلا فصلوا صلاة العيد في ساوة ففطن بهم الشحنة فأخذهم وحبسهم ثم سئل فيهم فأطلقهم فهذا