كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 37 @
أول اجتماع كان لهم ثم إنهم دعوا إنهم دعوا مؤذنا من أهل ساوة كان مقيما بأصبهان فلم يحبهم إلى دعوتهم فخافوه أن ينم عليهم فقتلوه فهو أول قتيل لهم وأول دم أراقوه فبلغ خبره إلى نظام الملك فأمر بأخذ من يتهم بقتله فوقعت التهمة على نجار اسمه طاهر فقتل ومثل به وجروا برجله في الأسواق فهو أول قتيل منهم وكان والده واعظا وقدم إلى بغداد مع السلطان بركيارق سنة ست وثمانين فحظي منه ثم قصد البصرة فولي القضاء بها ثم توجه في رسالة إلى كرمان فقتله العامة في الفتنة التي جرت وذكروا أنه باطني ثم إن الباطنية قتلوا نظام الملك وهي أول فتكة مشهورة كانت لهم وقالوا قتل نجارا فقتلناه به وأول موضع غلبوا وتحصنوا به بلد عند قاين كان متقدمه على مذهبهم فاجتمعوا عنده وقووا به فاجتازت بهم قافلة عظيمة من كرمان إلى قاين فخرج عليهم ومعه أصحابه والباطنية فقتل أهل القفل أجمعين ولم ينج منهم غير رجل تركماني فوص إلى قاين فأخبر بالقصة
فتسارع أهلها مع القاضي الكرماني إلى جهادهم فلم يقدروا عليهم ثم قتل نظام الملك ومات السلطان ملكشاة فعظم أمرهم واشتدت شوكتهم وقويت أطماعهم
وكان سبب قوتهم بأصبهان أن السلطان بركيارق لما حصر أصبهان وبها أخوه محمود وأمه خاتون الجلالية وعاد منهم ظهرت مقالة الباطنية بها وانتشرت وكانوا متفرقين في المحال فاجتمعوا وصاروا يسرقون من قدروا عليه من مخالفيهم ويقتلونهم فعلوا هذا بخلق كثير وزاد الأمر حتى أن الإنسان كان إذا تأخر عن بيته عن الوقت المعتاد تيقنوا قتله وقعدوا للعزاء به فحذر الناس وصاروا لا ينفرد أحد أخذوا في بعض الأيام مؤذنا أخذه جار له باطني فقام أهله للنياحة عليه فأصعده الباطنية إلى سطح داره وأروه أهله كيف يلطمون ويبكون وهو لا يقدر يتكلم خوفا منهم
$ ذكر ما فعل بهم العامة بأصبهان $
لما عمت هذه المصيبة الناس بأصبهان أذن الله تعالى في هتك أستارهم والانتقام منهم فاتفق أن رجلا دخل دار صديق له فرأى فيها ثيابا ومداسات وملابس لم يعهدها فخرج من عنده وتحدث بما كان فكشف الناس عنها فعلموا أنه من المقتولين وثار الناس كافة يبحثون عمن قتل منهم ويستكشفون فظهروا على الدروب التي هم فيها وأنهم كانوا إذا اجتاز بهم إنسان أخذوه إلى دار منها وقتلوه وألقوه في بئر في الدار قد صنعت لذلك وكان على باب درب منها رجل ضرير فإذا اجتاز به إنسان يسأله أن يقوده خطوات إلى

الصفحة 37