كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 385 @
أمراء الغز اجتمعوا وقبلوا الأرض بين يديه وقالوا نحن عبيدك لا نخرج عن طاعتك فقد علمنا أنك لم ترد قتالنا وإنما حملت عليه فأنت السلطان ونحن العبيد فمضى على ذلك شهران أو ثلاثة ودخلوا معه إلى مرو وهي كرسي ملك خراسان وطلبها منه بختيار اقطاعا فقال السلطان هذا دار الملك ولا يجوز أن تكون أقطاعا لأحد فضحكوا منه وحنق له بختيار بغمه فلما رأى ذلك نزل عن سرير الملك ودخل خانكاه مرو وحنق له بختيار بغمه فلما رأى ذلك نزل عن سرير الملك ودخل خانكاه مرو وتاب عن الملك واستولى الغز على البلاد وظهر منهم من الجور ما لم يسمع بمثله وولوا على نيسابور واليا فقسط على الناس كثيرا وعسفهم وضربهم وعلق في الأسواق ثلاثة غرائر وقال أريد ملء هذه ذهبا فثار عليه العامة فقتلوه ومن معه فركب الغز ودخلوا نيسابور ونهبوها نهبا مجحفا وجعلوها قاعا صفصفا وقتلوا الكبار والصغار وأحرقوا وقتلوا القضاة والعلماء في البلاد كلها فممن قتل الحسين بن محمد الأرسابندي والقاضي علي بن مسعود والشيخ محيي الدين محمد بن يحيى وأكثر الشعراء في مرائي محمد بن يحيى فممن قال فيه علي ابن إبراهيم الكاتب
( مضى الذي كان يجني الدر من فيه ... يسيل بالفضل والإفضال واديه )
( مضى ابن يحيى الذي قد كان صوب حيا ... لا بر شهر ومصباحا لداجيه )
( خلا خراسان من علم ومن ورع ... لما نعاه إلى الآفاق ناعيه )
( لما أماتوه مات الدين واأسفا ... من ذا الذي بعد محيي الدين يحييه )
ويتعذر وصف ما جرى منهم بتلك البلاد جميعا ولم يسلم من خراسان شيء لم تنهبه الغز غير هراة ودهستان لأنها كانت حصينة فامتنعت
وقد ذكر بعض مؤرخي خراسان من أخبارهم ما فيه زيادة وضوح وقال إن هؤلاء الغز قوم انتقلوا من نواحي الثغر من اقاصي الترك إلى ما وراء النهر في أيام المهدي وأسلموا واستنصر بهم المقنع صاحب المخاريق الشعبذة حتى تم أمره فلما سارت العساكر إليه خذله هؤلاء الغز وأسلموه وهذه عادتهم في كل دولة كانوا فيها وفعلوا مثل ذلك مع الملوك الخاقانية إلا أن الأتراك القارغلية قمعوهم وطردوهم من أوطانهم فدعاهم الأمير زنكي بن خليفة الشيباني المستولي على حدود طخارستان إليه وأنزلهم بلاده وكانت بينه وبين الأمير قماج عداوة أحكمتها الأيام

الصفحة 385