كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 386 @
للمجاورة التي بينهما وكل منهما يريد أن يعلو على الآخر ويحكم عليه فتقوى بهم زنكي وساروا معه إلى بلخ لمحاربة قماج فكاتبهم قماج فمالوا إليه وخذلوا زنكي عند الحرب فأخذ زنكي وابنه أسيرين فقتل قماج ابن زنكي وجعل يطعم أباه لحمه ثم قتل الأب أيضا
وأقطع قماج الغز مواضع وأباحهم مراعي بلاده
فلما قام الحسين بن الحسين الغوري وقصد بلخ خرج إليه قماج وعساكره ومعه الغز ففارقه الغز وانضموا إلى الغوري حتى ملك مدينة بلخ فسار السلطان سنجر إلى بلخ ففارقها الغوري بعد قتال انهزم منه ثم دخل إلى السلطان سنجر لعجره عن مقاومته فرده إلى غزنة وبقي الغز بنواحي طخارستان وفي نفس قماج منهم الغيظ العظيم لما فعلوه معه فأراد صرفهم عن بلاده فتجمعوا وانضم إليهم طوائف من الترك وقدموا عليهم أرسلان موقا التركي فجمع أرسلان قماج عسكره ولقيهم فاقتتلوا يوما كاملا إلى الليل فانهزم قماج وعسكره وأسر هو وابنه أبو بكر فقتلوهما واستولوا على نواحي بلخ وعاثوا فيها وأفسدوا بالنهب والقتل والسلب
وبلغ السلطان سنجر الخبر فجمع عساكره وسار إليهم فراسلوه يعتذرون ويتنصلون فلم يقبل عذرهم ووصل إليهم مقدمة السلطان وفيها محمد بن أبي بكر بن قماج المقتول والمؤيد أي أبه في المحرم من سنة ثمان وأربعين وخمسمائة ووصل بعدهم السلطان سنجر فالتقاه الغز بعد أن أرسلوا يعتذرون ويبذلون الأموال والطاعة والانقياد إلى كل ما يؤمرون به فلم يقبل سنجر ذلك منهم وسار إليهم فلقوه وقاتلوه وصبروا له ودام قتالهم فانهزم عسكر سنجر وهو معهم فتوجهوا إلى بلخ على أقبح صورة وتبعهم الغز واقتتلوا مرة ثانية فانهزم السلطان سنجر أيضا ومضى منهزما إلى مرو في صفر من السنة فقصد الغز إليها فلما سمع العسكر الخراسني بقربهم منهم أجفلوا من بين أيديهم هاربين لما دخل في قلوبهم من خوفهم والرعب منهم فلما فارقها السلطان والعسكر دخلها الغز ونهبوها أفحش نهب وأقبحه وذلك في جمادى الأولى من السنة وقتل بها كثير من أهلها وأعيانها منهم قاضي القضاة الحسن بن محمد الأرسابندي والقاضي علي بن مسعود وغيرهما من الأئمة العلماء ولما خرج سنجر من مرو قصد بوزابة وأخذه الغز أسيرا وأجلسوه على تخت السلطنة على عادته وقاموا بين يديه وبذلوا له الطاعة ثم عاودوا الغارة على مرو في رجب من السنة فمنعهم أهلها وقاتلوهم

الصفحة 386