كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)
@ 392 @
بالله العلوي المصري وكان الفرنج كل سنة يقصدونها ويحصرونها فلا يجدون إلى ملكها سبيلا وكان الوزراء بمصر لهم الحكم في البلاد والخلفاء معهم إسم لا معنى تحته وكان الوزراء كل سنة يرسلون إليها من الذخائر والأسلحة والأموال والرجال من يقوم بحفظها فلما كان في هذه السنة قتل ابن السلار على ما ذكرناه واختلفت الأهواء في مصر وولي عباس الوزارة وإلى أن استقرت قاعدة اغتنم الفرنج اشتغالهم عن عسقلان فاجتمعا وحصروها فصبر أهلها وقاتلوهم قتالا شديدا حتى أنهم بعض الأيام قاتلوا خارج السور وردوا الفرنج إلى خيامهم مقهورين وتبعهم أهل البلد إليها فأيس حينئذ من ملكه فبينا هم على عزم الرحيل إذ قد أتاهم الخبر أن البلد قد وقع بين أهله خلاف وقتل منهم قتلى فصبروا وكان سبب هذا الاختلاف أنهم لما عادوا عن قتال الفرنج قاهرين منصورين ادعى كل طائفة منهم أن النصرة من جهتهم كانت وأنهم هم الذين ردوا الفرنج خاسرين فعظم الخصام بينهم إلى أن قتل من إحدى الطائفتين قتيل واشتد الخطب وعظم حينئذ وتفاقم الشر ووقعت الحرب بينهم فقتل بينهم قتلى فطمع الفرنج وزحفوا إليه وقاتلوا عليه فلم يجدوا من يمنعهم فملكوه
$ ذكر حصر عسكر الخليفة تكريت وعودهم عنها $
في هذه السنة سير الخليفة المقتفي لأمر الله عسكرا إلى تكريت ليحصروها وأرسل معهم مقدما عليهم ابن الوزير عون الدين بن هبيرة وترشك وهو من خواص الخليفة وغيرهما فجرى بين ابن الوزير ترشك فعرف ذلك فأرسل إلى مسعود بلال صاحب تكريت فصالحه وقبض على ابن الوزير ومن معه من المقدمين وسلمهم إلى مسعود بلال فانهزم العسكر وغرق منه كثير وسار مسعود بلال وترشك من تكريت إلى طريق خراسان فنهبا وأفسدا فسار المقتفي عن بغداد لدفعهما فهربا من بين يديه فقصد تكريت فحصرها أياما وجرى له مع أهلها حروب من وراء السور فقتل من العسكر جماعة بالنشاب فعاد الخليفة عنها ولم يملكها
الصفحة 392
504