كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)
@ 408 @
والقاعدة بين عبد المؤمن وبين عمه أن يلي الأمر بعد عبد المؤمن فلما تمكن عبد المؤمن من الملك وكثر أولاده أحب أن ينقل الملك اليهم فأحضر أمراء العرب من هلال وزغب وعدي وغيرهم إليه ووصلهم وأحسن إليهم ووضع عليهم من يقول لهم ليطلبوا من عبد المؤمن ويقولوا له نريد أن تجعل لنا ولي عهد من ولدك يرجع الناس إليه بعدك ففعلوا ذلك فلم يجبهم إكراما لعمر لعلو منزلته في الموحدين وقال لهم إن الأمر لأبي حفص عمر فلما علم عمر ذلك خاف على نفسه فحضر عند عبد المؤمن وأجاب على خلع نفسه فحينئذ بويع لمحمد بولاية العهد وكتب إلى جميع بلاده بذلك وخطب له فيها جميعها فأخرج عبد المؤمن في ذلك اليوم من الأموال شيئا كثيرا
$ ذكر استعمال عبد المؤمن أولاده على البلاد $
في هذه السنة استعمل عبد المؤمن أولاده على البلاد فاستعمل ولده أبا محمد عبد الله على بجاية وأعمالها واستعمل ابنه أبا الحسن عليا على فاس وأعمالها وولى ابنه أبا سعيد سبتة والجزيرة الخضراء ومالقة وكذلك غيرهم ولقد سلك في استعمالهم طريقا عجيبا وذلك انه كان قد استعمل على البلاد شيوخ الموحدين المشهورين من اصحاب المهدي محمد بن تومرت وكان يتعذر عليه أن يعزلهم فأخذ اولادهم وتركهم عنده يشتغلون في العلوم فلما تمهروا فيها وصاروا يقتدى بهم قال لآبائهم إني أريد أن تكون عندي استعين بكم على ما أنا بصدده ويكون أولادكم في الأعمال لأنهم علماء فقهاء فأجابوا إلى ذلك وهم فرحون مسرورون فولى أولادهم ثم وضع عليهم بعضهم ممن يعتمد عليه فقال إني أرى أمرا عظيما قد فعلتموه فارقتم فيه الحزم والأدب فقالوا وما هو فقال أولادكم في الأعمال وأولاد أمير المؤمنين ليس لهم منها شيء مع ما فيهم من العلم وحسن السياسة وإني أخاف أن ينظر في هذا فتسقط منزلتكم عنده فعلموا صدق القائل فحضروا عند عبد المؤمن وقالوا نحب أن تستعمل على البلاد السادة أولادك فقال لا أفعل فلم يزالوا حتى فعل ذلك لهم بسؤالهم إياه
$ ذكر حصر السلطان محمد بغداد $
في هذه السنة في ذي الحجة حصر السلطان محمد بغداد
وسبب ذلك أن
الصفحة 408
504