كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 9)

@ 410 @
الغلات ببغداد كثيرة لأن الوزير كان يفرقها في الجند عوض الدنانير يبيعونها فلم تزل الأسعار عندهم رخيصة إلا أن اللحم والفاكهة والخضر قليل عندهم واشتد الحصار على أهل بغداد لانقطاع المواد عنهم وعدم المعيشة لأهلها وكان زين الدين وعسكر الموصل غير مجدين في القتال لأجل الخليفة والمسلمين وقيل لأن نور الدين محمود ابن زنكي وهو أخو قطب الدين صاحب الموصل الأكبر أرسل إلى زين الدين يلومه على قتال الخليفة ففتر وأقصر ولم تزل الحرب في أكثر الأيام وعمل السلطان محمد شاه أربعمائة سلم ليصعد الرجال فيها إلى السور وزحفوا وقاتلوا ففتح أهل بغداد أبواب البلد وقالوا أي حاجة بكم الى السلالم هذه الأبواب مفتحة فادخلوا منها فلم يقدروا على أن يقربوها
فبينما الأمر على ذلك إذ وصل الخبر إلى السلطان محمد أن أخاه ملكشاه وايلدكز صاحب بلاد أران ومعه الملك أرسلان ابن الملك طغرل بن محمد وهو ابن امرأة ايلدكز قد دخلوا همذان واستولوا عليها وأخذوا أهل الأمراء الذين مع محمد شاه وأموالهم فلما سمع محمد شاه ذلك جد في القتال لعله يبلغ مناه فلم يقدر على شيء ورحل عتها نحو همذان في الرابع والعشرين من ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة
وعاد زين الدين إلى الموصل وتفرق ذلك الجمع على عزم العود إذ فرغ محمد شاه من إصلاح بلاده فلم يعودوا يجتمعون وفي كثرة حروبهم لم يقتل بينهم إلا نفر يسير وإنما الجراح كان كثيرا
ولما ساروا نهبوا يعقوبا وغيرها من طريق خراسان
ولما رحل العسكر عن بغداد أصاب أهلها أمراض شديدة حادة وموت كثير للشدة التي مرت بهم
وأما ملكشاه وإيلدكز ومن معهما فإنهم ساروا من همذان إلى الري فخرج إليهم إينانج شحنتها وقاتلهم فهزموه فأرسل الملك محمد الأمير سقمس بن قيماز الحرامي في عسكر نجدة لإينانج فسار سقمس وكان إيلدكز وملكشاه ومن معهما قد عادوا من الري يريدون محاصرة الخليفة فلقيهم سقمس وقاتلهم فهزموه ونهبوا عسكره وأثقالهم فاحتاج الملك محمد إلى الإسراع فسار فلما بلغ حلوان بلغه أن ايلدكز بالدينور وأتاه رسول من نائبه اينانج أنه دخل همذان وأعاد الخطبة له فيها فقويت نفسه وهرب شملة صاحب خوزستان إلى بلاده وتفرق أكثر جمع ايلدكز

الصفحة 410